دراسة تكشف سر ضباب الدماغ بعد علاج السرطان بخلايا CAR-T وتطرح حلولا واعدة
في حالة ضباب الدماغ الناجم عن العلاج أو المرض تنتج الخلايا الدبقية الصغيرة مواد التهابية تستنزف الخلايا الدبقية قليلة التغصن والمايلين الذي تفرزه، وقد تمكن باحثون في كلية الطب بجامعة ستانفورد وزملاؤهم من عكس هذه العملية جزئيا في الفئران.
فبعد العلاج بخلايا CAR-T وهي خلايا مناعية مهندسة لمهاجمة السرطان يخبر المرضى أطباءهم أحيانا بأنهم يشعرون بـضباب الدماغ الذي يتضمن النسيان وصعوبة التركيز، وقد كشفت الدراسة أن العلاج المناعي بالخلايا CAR-T يمكن أن يسبب ضعفا إدراكيا خفيفا بغض النظر عن العلاجات الأخرى للسرطان، وأن ذلك يحدث عبر نفس الآلية الخلوية المرتبطة بالضعف الإدراكي الناتج عن العلاج الكيميائي أو التهابات الجهاز التنفسي مثل الإنفلونزا وكوفيد-19، كما حددت الدراسة التي أجريت بشكل رئيسي على نماذج الفئران استراتيجيات محتملة لعكس هذه المشكلة، ففي الفئران عكس الفريق الضعف الإدراكي باستخدام مركبات تشبه الأدوية الحالية أو تلك قيد التطوير السريري، مما يشير إلى إمكانية التوصل لعلاج بسرعة نسبيا.
تأثير العلاج على جودة الحياة
كما أوضحت د.ميشيل مونجيه دكتورة الطب وأستاذة طب أورام الأطفال العصبية والمؤلفة الرئيسية للدراسة: نحن مهتمون جدا بكيفية تأثير علاجات السرطان على الإدراك لأن ذلك يؤثر على جودة حياة المرضى، وهذا مهم بشكل خاص للأطفال لأن أدمغتهم لا تزال في طور النمو.
وأشار الباحثون إلى أن الأدوية التي تخفف من ضباب الدماغ ستمكن المرضى من التعافي بشكل أفضل من العلاجات المناعية للسرطان فعادة ما يكون الضعف الإدراكي بعد علاج CAR-T خفيفا، فالمريض لا يصاب بالخرف مثلا لكن الضعف الإدراكي لديه قد يكون مزعجا ولا يزول تلقائيا.
كما أضافت مونجيه: إن علاج CAR-T واعد للغاية فنحن نرى ناجين على المدى الطويل بعد استخدامه لعلاج سرطانات عدوانية، مما ينقذ حياة مرضى كانوا سيموتون لولا ذلك، وإننا نحتاج إلى فهم جميع آثاره طويلة المدى بما في ذلك هذه المتلازمة المكتشفة حديثا للضعف الإدراكي المرتبط بالعلاج المناعي حتى نتمكن من تطوير أساليب علاجية لإصلاحه.
آلية الضعف الإدراكي
كما أظهرت الدراسة أن الخلايا الدبقية الصغيرة في الدماغ تلعب دورا رئيسيا في هذه الآلية، فعند تنشيطها بسبب الاستجابة المناعية للجسم، تفرز هذه الخلايا سيتوكينات وكميوكينات التهابية تؤثر على الدماغ ككل وتكون ضارة بشكل خاص بالخلايا الدبقية قليلة التغصن المسؤولة عن إنتاج المايلين، وهي المادة العازلة التي تساعد الأعصاب على نقل الإشارات بكفاءة، وإن تلف المايلين يؤدي إلى ضعف إدراكي.
استراتيجيات العلاج المحتملة
قام الباحثون باختبار طريقتين لعلاج المشكلة على الفئران:
الطريقة الأولى تقوم على استنزاف مؤقت للخلايا الدبقية الصغيرة باستخدام مركب يثبط مستقبلات عامل تحفيز المستعمرات-1 (CSF1R)، مما أعاد الخلايا إلى حالتها الطبيعية.
أما الطريقة الثانية تقوم على عكس الضعف الإدراكي باستخدام دواء يعيق إشارات الكميوكينات الضارة عبر حجب مستقبلات معينة.
وقد أكدت مونجيه: إن هذه أول دراسة تثبت أن العلاج المناعي وحده كاف للتسبب بأعراض إدراكية دائمة، كما أنها أول ورقة بحثية تكشف الآلية الكامنة وراء ذلك ، كما وجدنا نفس التغيرات المرضية التي رأيناها في متلازمات ضباب الدماغ الناتجة عن العلاج الكيميائي أو الإشعاعي أو حتى كوفيد-19 الخفيف، كما أن الفريق يستكشف الآن كيفية تطبيق طريقتي العلاج بشكل آمن لدى البشر الذين خضعوا لعلاج CAR-T.
واختتمت مونجيه بالقول: إن هذا البحث يوضح أن هناك مبدأ موحدا وراء متلازمات ضباب الدماغ، والأكثر إثارة في هذه الدراسة أننا لم نحدد الخلايا المسؤولة عن هذه التغيرات المرضية فحسب، بل وجدنا أيضا هدفا جزئيا يمكن استهدافه علاجيا في المستقبل.