اورتاغوس تشيد برئيس الجمهورية: قائد مصمّم على تعافي وطنه
كتبت صحيفة “الديار”: في ضوء ازدياد الضغوطات الاميركية على لبنان لنزع سلاح حزب الله، وفي الوقت عينه تأكيد واشنطن على دعمها لرئيس الجمهورية جوزاف عون بعد ان أشادت نائبة المبعوث الاميركي مورغان اورتاغوس به قائلة انه قائد شجاع مصمم على تعافي بلده، تقول مصادر ديبلوماسية للديار ان طبيعة المفاوضات الاميركية – الايرانية ونتائجها هي التي سترسم معالم المرحلة المقبلة في لبنان والمنطقة. وفي هذا النطاق، فان حزب الله، وبعد كل التضحيات التي قدمها، لا يستطيع تقديم تنازل سريع وعلني، بل على الارجح وفي اضعف الايمان، قد يقبل حزب الله تسوية تضمن أمنه وأمن لبنان.
اما من جهة الدولة اللبنانية التي اتت على اساس انها ملتزمة بحصر السلاح بيدها، فيدرك كل من الرئيس جوزاف عون ورئيس الحكومة نواف سلام ان اي تحرك غير توافقي فيه سيؤدي الى اشعال فتنة في البلاد.
فما هو البديل امام الدولة اللبنانية؟
لا يمكن للدولة اللبنانية التنصل من التعهدات التي قطعتها للولايات المتحدة، لكنها في الوقت نفسه عاجزة عن المغامرة بأمن البلاد من خلال أي عمل غير توافقي ضد «حزب الله»، نظرًا الى ما قد يترتّب على ذلك من تدخلات خارجية واسعة. فهكذا خطوة قد تفتح الباب أمام توغّل «إسرائيلي» أعمق داخل الأراضي اللبنانية، فضلاً عن خطر انزلاق البلاد نحو حرب أهلية، في ظل التوازنات الهشة والانقسام الداخلي.
في هذا السياق، يتميّز الرئيس عون، بنهج هادئ يستند إلى كسب الوقت. فهو يركّز على تعزيز بنية المؤسسة العسكرية تدريجياً، بانتظار ما ستؤول إليه المفاوضات بين واشنطن وطهران بشأن الملف النووي. إذ من شأن أي اتفاق أميركي-إيراني أن ينعكس تلقائياً على ملفات إقليمية أخرى، ويفتح الباب أمام تفاهمات أوسع تشمل لبنان وسواه.
ورغم حرص إيران على إنجاح المفاوضات، فإنها لا تزال تمسك بخيوط النفوذ في الإقليم، من خلال استمرار الحوثيين في مواجهاتهم مع الولايات المتحدة، إلى جانب مواقف عراقية مناهضة لواشنطن. هذا المد والجزر الإيراني على مستوى المنطقة، يضع لبنان في موقع المراقب المترقّب، حيث تبقى كل الاحتمالات مفتوحة، إلى أن تتّضح معالم التسوية الشاملة.
الانتخابات البلدية: مشهد تنافسي يحتدم في البلدات والقرى وربما بيروت
بموازاة ذلك، تمضي القوى السياسية اللبنانية باندفاع نحو إجراء الانتخابات البلدية، وسط مؤشرات إلى أن المنافسة ستطغى على منطق التسويات، بخاصةٍ في المدن الكبرى والبلدات الصغرى، وربما حتى في العاصمة بيروت.
في بيروت، يرفض رئيس مجلس النواب نبيه بري أي تعديل في صلاحيات محافظ العاصمة (المسيحي الأورثوذكسي) لمصلحة رئيس بلدية بيروت (السني)، انطلاقاً من حرصه على ضمان التوازن الطائفي، ومنع أي خلاف بين البيروتيين المسيحيين وبين البيروتيين المنتمين الى طوائف اخرى، لما قد يتسبب بتأجيل الانتخابات. وفي هذا الإطار، تشكلت لائحة انتخابية تضم «القوات اللبنانية» و «التيار الوطني الحر» إلى جانب شخصيات سنية معارضة ولكن ضعيفة مثل فؤاد مخزومي، بالإضافة إلى «جمعية المشاريع الخيرية الإسلامية»، التي تؤدي دور الوسيط بين هذه الأطراف من جهة، و «حزب الله» و «حركة أمل» من جهة أخرى. وتشير المعلومات إلى اتجاه نحو تشكيل لوائح مكتملة لضمان التمثيل المسيحي في العاصمة.
في المقابل، يعمل التغييريون على بلورة لائحة منافسة، في وقت تحدثت مصادر مطلعة عن احتمال دعم «تيار المستقبل» للائحة الأحزاب من خلف الكواليس.
أما في جونية، فقد توصل كل من رشيد الخازن، شقيق النائب فريد الخازن، وفيصل إفرام، شقيق النائب نعمة إفرام، إلى اتفاق يقضي بتولي الأول رئاسة البلدية والثاني نيابتها، في إطار لائحة تشمل «القوات اللبنانية» وعدداً من العائلات الكسروانية العريقة. وتواجه هذه اللائحة لائحة أخرى يرأسها جوان حبيش، المدعوم من «التيار الوطني الحر»، إلا أن انسحاب حبيش يبدو مرجحاً بسبب تراجع الدعم الشعبي له.
في الجديدة وسدّ البوشرية، تبدو الحظوظ مرتفعة لسيزار جبارة، نجل الرئيس السابق للبلدية أنطوان جبارة، الذي شكل لائحة بدعم من «القوات اللبنانية» و«الكتائب».
في قضاء المتن، تشتد المعركة بين نيكول الجميل، ابنة الرئيس الأسبق أمين الجميل، وميرنا المر، حيث تحظى الأخيرة بدعم عدد من بلديات الجبل المتني، نتيجة الخدمات التي قدّمتها عائلتها، بينما تحظى الجميل بتأييد قوي في الساحل.
أما في زغرتا، فما زالت الصورة ضبابية، وسط حديث عن احتمال توافق بين «تيار المردة» و «التيار الوطني الحر».
وفي زحلة، تتجه المعركة نحو مواجهة ثلاثية: بين لائحة «القوات اللبنانية»، ولائحة ميريم سكاف، زوجة النائب الراحل إلياس سكاف، من جهة، ولائحة رئيس البلدية الحالي أسعد زغيب، المدعوم من النائب ميشال ضاهر، من جهة أخرى.
في الشوف، يتفق كل من وليد جنبلاط وطلال أرسلان على ضرورة التوافق في الانتخابات، تجنباً لأي صدام درزي-درزي يهدد الاستقرار في الجبل.
أما في الجنوب، حيث للواقع الأمني خصوصيته بسبب التهديد الإسرائيلي المستمر، فيسود منطق التزكية في القرى الحدودية، التزاماً من «الثنائي الشيعي» بالحفاظ على أمن المواطنين وتجنّب التصعيد.
بهذا المشهد، تدخل الانتخابات البلدية في لبنان مرحلة حاسمة، تعكس تعقيدات التوازنات الطائفية والتحالفات السياسية المتقلبة، وتترقّب معها البلاد نتائج قد ترسم معالم المرحلة المقبلة.
كلمة اورتاغوس في السفارة اللبنانية في واشنطن
من جانبها، قالت نائبة المبعوث الاميركي الى الشرق الاوسط مورغان ارتاغوس في حفل السفارة اللبنانية في اميركا: «كثيراً ما أتحدث عن الجالية اللبنانية، وخصوصاً هنا في الولايات المتحدة، كواحدة من أكثر الجاليات نجاحا وثقافة وتعليماً في العالم. وسواء كنا مقيمين هنا أو في لبنان، فإن هدفنا واحد: ليس فقط إصلاح لبنان، بل إعادة إحيائه، ولا أتحدث عن العودة إلى عام 1975 أو إلى ما يسمى «أيام المجد»، بل أتحدث عن بناء مستقبل أكثر إشراقاً وازدهاراً مما شهده لبنان في تاريخه، لأنني أعلم أن لبنان يملك هذه الإمكانات».
ولفتت الى ان «لبنان لن يتمكن من بلوغ هذا المستقبل من دون قيادة شجاعة وجريئة، فأنتم بحاجة إلى قادة مثل الرئيس عون، ورئيس الحكومة، والسادة الواقفون هنا بجانبي قادة مستعدون لاتخاذ الخطوات الصعبة والضرورية: الإصلاح، إعادة بناء الاقتصاد، استعادة الدولة، وضمان احتكارها للسلاح وتقديمها الخدمات الأساسية للمواطنين».
واكدت أورتاغوس «أنا مؤمنة حقًا بأن لبنان يقف على أعتاب مرحلة جديدة مرحلة أعظم من كل ما سبق. وإذا قررتم أن تسلكوا هذا الطريق، وإذا اتخذتم القرارات الصعبة التي أتحدث عنها دائمًا في الإعلام، فأعدكم أن الرئيس ترامب، وإدارته، والولايات المتحدة الأميركية، سيكونون إلى جانبكم في كل خطوة من الطريق، لكن لا يمكننا العودة إلى الوراء. لا يمكننا تكرار أخطاء الماضي. السبيل الوحيد للتقدم هو من خلال تقوية الدولة، والمضي قدمًا في الإصلاح، وإعادة إحياء الوطن بشكل كامل، ليس فقط العودة إلى المجد، بل الدخول في مرحلة جديدة وأفضل.»
ايران قد تقدم تنازلات بضمانات روسية
وبالعودة الى المباحثات الاميركية – الايرانية، تستعد إيران للقبول برقابة دولية أكثر تشددا وتخفيض نسبة تخصيب اليورانيوم، في إطار المفاوضات الجارية مع الولايات المتحدة، توازيا مع سعيها لاستثمار المستجدات الدولية، خصوصاً في ظل التقارب الأميركي-الروسي من جهة، والتوتر المتزايد بين واشنطن وبكين من جهة أخرى، لتقوية موقعها التفاوضي. ويُرجّح أن العلاقة الوثيقة التي تجمع موسكو بالرئيس الأميركي دونالد ترامب قد تتيح لروسيا تأدية دور الضامن لطهران، مما قد يدفع الأخيرة إلى تقديم تنازلات تُفضي إلى اتفاق جديد مع واشنطن.
من جانبه، يتعامل ترامب مع الملف الإيراني بمنطق الربح والخسارة، انطلاقاً من رؤيته البراغماتية والتجارية. فهو لا يميل إلى خوض مواجهة عسكرية مع إيران ما دامت المفاوضات قادرة على تحقيق أهدافه. فوفق مقاربة إدارته، فإن إسقاط النظام الإيراني يختلف جذرياً عن التدخلات العسكرية السابقة في سورية أو العراق أو أفغانستان، لما يحمله من تداعيات إقليمية خطرة. لذلك، إذا ما وجّهت واشنطن ضربة لطهران ولم تُفلح في شلّ قدرتها على الرد، فإن التصعيد قد يتحوّل إلى مواجهة واسعة النطاق في الشرق الأوسط.
أما على مستوى التهديدات «الإسرائيلية»، فترى مصادر متابعة أن احتمال قيام «إسرائيل» بشنّ هجوم على المنشآت النووية الإيرانية بهدف إفشال المفاوضات، يبقى محدوداً، إذ إن القنابل القادرة على اختراق البنية التحتية النووية الإيرانية تملكها فقط الولايات المتحدة وكذلك رمز مفتاحها، وعليه لن تحصل ضربة اسرائيلية ضد ايران الا بضوء اخضر اميركي غير متوافر حاليا. ورغم ذلك، تحذّر مصادر عسكرية مطلعة من إقدام رئيس الحكومة «الإسرائيلية» بنيامين نتنياهو على عمل متهوّر تجاه طهران، بخاصةٍ مع اقتراب انتهاء العدوان على غزة وبدء محاكمته في قضايا فساد، ما قد يدفعه إلى التصعيد لصرف الأنظار عن أزماته الداخلية.
ذكرى الابادة الارمنية: مسيرة في ساحة الشهداء
الى ذلك، احيا اللبنانيون الأرمن ذكرى الإبادة الأرمنية التي ارتُكبت ضد الأرمن على يد السلطنة العثمانية، مجدّدين مطالباتهم بالاعتراف الرسمي والاعتذار عن المجازر التي استهدفت أجدادهم، من ساحة الشهداء في بيروت.