التسوّل ينخر شوارع لبنان.. مَنْ يتحمّل المسؤولية؟
تشهد الأسواق والأماكن العامة تجمهرا غير معتاد للمتسولين الذين يحاولون استغلال الطقوس الدينية في هذا الشهر الفضيل. ويُعد التسوّل نشاطاً غير قانوني يمارسه
وفي هذا السياق، أوضحت الباحثة الاجتماعية الدكتورة منال بصبوص، أن وتيرة التسول تزداد بشكل لافت للانتباه في شهر رمضان، إلى درجة تثير الاستغراب وتفرض ضرورة تدخل رقابة الدولة للحد من هذه الظاهرة التي تسيء لصورة لبنان، خاصة أن كثيرا من المتسولين يستغلون الأطفال وذوي الاحتياجات الخاصة وكبار السن.
واشارت الى أن “المشكلة ليست في المتسولين وإنما في المتعاطفين معهم، فهم لن يستمروا في عادتهم إذا قوبلت بالرفض، وطالما الكل يعطي دون حساب، فمن المتوقع أن تزيد الظاهرة وتأخذ أشكالا عديدة. الكثير منهم ليسوا بحاجة إلى المال ولا يتردد المارة في منحهم عطايا كلما مدوا أيديهم غير مدركين أنه ربما يأخذ أحدهم المال ويشتري به مخدرات، فتتحول الصدقة إلى مصيبة”
وأضافت أن “بعض المتسولين يتعمدون إبراز حالة الضعف والحاجة الشديدة، حيث يعملون على استغلال تعاطف الناس معهم، واستغلال المشاعر الدينية في هذا الشهر، حيث يقدمون قصصا مؤثرة لجذب مزيد من التعاطف ويظهرون بمظهر الصلاح والظروف والزمن الصعب.. وغير ذلك من المبررات”.
وأكدت بصبوص أن “ظاهرة التسول تشهد ازدهارا في أوقات الحروب والأزمات وهذا ما يبرر تفاقمها في لبنان حاليا وانتشارها بشكل واضح لعدة عوامل ابرزها كثرة النازحين السوريين ودخول الاف منهم بطرق غير شرعية، إضافة الى تردي الاوضاع الاقتصادية والاجتماعية، والفوضى التي تشهدها البلاد على كافة المستويات وضعف إمكانيات الدولة في التصدي لهذه الظاهرة غير الصحية”.
وقالت أن “من مهام الفرق الأمنية التنسيق والمراقبة ورصد التصرفات المسيئة التي تصدر من قبل المتسوّلين بالصوت والصورة حتى تتم مواجهة أصحابها بها، والتحقيق معهم ومعرفة الجهة أو الأفراد الذين يقفون خلفهم”.
معالجة مشكلة ظاهرة التسول، في رأي الدكتورة بصبوص، تأتي في إطار المعالجة الشاملة للأزمة اللبنانية. مضيفة: لبنان تحول إلى مركب آيل للغرق بكل ما فيه وما عليه، وارتفاع عدد المتسولين له علاقة بارتفاع نسبة الفقر والبطالة وأسعار السلع، وهذا كله أيضا له علاقة بالأزمة العامة وحالة الضياع السياسي الحاصل.
وأكد مواطنون من خلفيات اجتماعية مختلفة، أن هذه الظاهرة ليست جديدة على المجتمع، إلا أنها تزداد مع قدوم شهر رمضان، لكونه شهر الصدقات، حيث ينتشر المتسولون في الشوارع وفي محيط المساجد والمستشفيات، ووصل الأمر بالكثير منهم إلى دخول البنايات والطرق على أبواب المنازل، مستغلين حب الناس للعطاء خلال هذا الشهر.
وفي محاولة لمواجهة انتشار تلك الظاهرة دعا نشطاء على مواقع التواصل الاجتماعي المواطنين إلى عدم التعاطف مع أي متسول طفل أو يحمل طفلا كطريقة جديدة لمكافحة استغلال الأطفال، كما تم توزيع منشورات توعية على المارة في الشوارع وفي وسائل المواصلات العامة.