“التاكسي” عن “التوك توك في النبطية”: دبحنا دبح
فاطمة البسام – لبنان الكبير
واقع جديد فرضه الانهيار الاقتصادي خلال السنوات الماضية، وارتفاع أسعار البنزين والمازوت، على مشهد الطرق اللبنانية، لم يكن مألوفاً وهو ظاهرة “التوك توك” المعروف عادة بأنه وسيلة نقل أساسية في عدد من الدول المكتظة لا سيما التي تعاني من الفقر.
فهذه المركبة ذات العجلات الثلاث والتي تتسع لثلاثة ركاب مع سائق في المقعد الأمامي، بدأت تغزو المناطق والقرى اللبنانية، وسرعان ما انتشرت هذه الظاهرة لتمتد الى العاصمة بيروت، في ظل الفوضى التي نعيشها. فتحوّلت هذه المركبة إلى صندوق سحري، تخرج منه استعمالات عدّة لم تكن في الحسبان، من نقل للركاب وطلاب المدارس، بيع الخضار وتوصيل طلبات السوبرماركت والدليفري إضافة الى نقل البضائع، واللافت أن هناك متمولين وجدوا في “التوك توك” باب استثمار جديداً، وقاموا بشراء عدد من هذه المركبات، وعملوا على تأجيرها للافادة منها، حتى باتت تهدد لقمة عيش أصحاب النقل العام في القرى.
محمد أبو زيد السائق الستيني يروي بحسرة لموقع “لبنان الكبير”، المعاناة التي طرأت على حياتهم منذ حوالي السنة، وتفاقمت أكثر منذ ثلاثة أشهر في ظل الحرب.
أبو زيد وهو سائق أجرة منذ 40 عاماً، عمل على خط بيروت الشام في السابق، وبعد عمر في المهنة المنهكة قلّص مسافة رحلاته حتى باتت تدور حول القرى المجاورة لبلدة النبطية، بعدما تعذر عليه خوض المنافسة مع شركائه في المهنة، سائقي “التوك توك”، داخل النبطية نفسها.
بعبارة لا تخلو من الأسى يؤكد أبو زيد أن “التوك توك دبحنا دبح”، في اشارة إلى أنه قضى على رزقتهم في البلدة، فاضطر على الرغم من الحرب البحث عن لقمة عيشه على طرق الجنوب المعرضة للاستهداف، لأن أحداً لم يعد يرغب في ركوب التاكسي في ظل وجود البديل الأرخص، داخل أحياء النبطية وشوارعها. ويقول: “التوك توك بتوفي معه ياخد 100 ألف على الراكب، بس نحن لا”، مضيفاً: “لدينا نفقات للنقابة، وللضمان، و…، أما التوك توك فهو معفى منها لأنه غير مسجل في الأساس”.
وبحسب أبو زيد، الكثير من المقتدرين مادياً، “كل واحد معه 10 آلاف دولار، اشترى توك توك ويؤجره، اليومية بـ 5 و 7 دولارات”، من دون أي مراعاة للسلامة العامة، مذكراً بعدّة حوادث إنقلاب لهذه الآليات تأذى منها الركاب.
وحول هذه الظاهرة، كان قد صرّح رئيس اتحادات ونقابات قطاع النقل البري بسام طليس بأن “هذه المركبات ليس لها مكان في القانون اللبناني، ومنذ بدء انتشار هذه الظاهرة أجرينا بحثاً حول قانونية إدخالها الى الأسواق اللبنانية وكيفية عملها، فوجدنا أن ليس في نص قانون السير ما يشير الى ما يسمى التوك توك، لذلك قمنا بمتابعة دقيقة لهذا الملف إن كان في المرفأ أو في الجمارك وحتى في مصلحة تسجيل السيارات، ولكن تبين أنه يتم ادخال هذه المركبات بطريقة شرعية من ناحية الجمرك، تحت مسمى دراجات نارية عبر مرفأ بيروت، كذلك الأمر في مصلحة تسجيل السيارات تحت المسمى نفسه، ولكن المفارقة أن قانون السير يمنع الدراجة النارية من نقل الركاب”.
اما بالنسبة الى المسؤولية، فاعتبر طليس أن “هذه المركبة خطر على الأمن الاجتماعي، والسلامة العامة المرورية، وقيادتها تؤدي الى حوادث عديدة وهذا ما تم تسجيله في المناطق اللبنانية كافة، خصوصاً على الطرق العامة وفي المدن الكبيرة”.
وفي هذا السياق، يصف أمين سر لقاء الأندية والجمعيات المدنية في النبطية علي عميص لموقع “لبنان الكبير” تزايد أعداد “التوك توك” في النبطية، بأنه “كبير جداً على مستوى النبطية والجوار”، عازياً ذلك الى العديد من الأسباب “منها أسباب تتعلق بالأزمة الاقتصادية بحيث بتنا نشهد مع إرتفاع سعر المحروقات والدولرة إنخفاض عدد المواطنين الذين يقومون بإستخدام سيارات التاكسي بسبب غلاء التعرفة، وبالتالي كانت فرصة لازدهار ظاهرة التوك توك بصورة كبيرة جداً ومع غياب الدولة وسهولة قيادته وسعره الرمزي مقارنة مع سيارات الأجرة وإنخفاض تكلفة صيانته وسهولة التنقل فيه كل ذلك جعل منه وسيلة رائجة في المدينة ساعدت المواطنين كثيراً في التنقل وبأسعار لا تذكر مقارنة بالسيارات العادية، وبالتالي ان هذه الظاهرة بما فيها من مشكلات بسبب العشوائية في القيادة والتهور في بعض الأحيان وتعريض حياة الراكبين للخطر نظراً الى كونها غير آمنة نسبياً مقارنة بالسيارات ساهمت في سد فجوة غلاء التنقل ضمن سيارات الأجرة”.
ويضيف عميص: “على مستوى المدينة ما يلزمنا هو خطوات سريعة وعاجلة من البلدية والقوى الأمنية لضبط هذه الظاهرة وقوننتها ولو بصورة محلية ووضع ضوابط للسائقين وغربلة من لا يمتلكون رخص قيادة وهذا المطلب هو مطلب شعبي بإمتياز”.
يذكر أن في النبطية هناك حوالي 500 “توك توك”، يسير من دون حسيب أو رقيب، يسرق اللقمة من أفواه “شوفورية التاكسي”، فإلى متى ستظل الأجهزة المعنية متقاعسة عن أداء دورها؟