ثقافة وفن

كتاب ” نقشٌ على حَجر ” اتقاد الذات الفلسطينية ..

 

 

سامر منصور

 

صدر للباحث والإعلامي الفلسطيني علي بدوان عن دار العرب للطباعة والنشر كتاب نقش على حجر، وهو في باب السيرة الذاتية وكأي سيرة ذاتيّه لفلسطيني، شكَّل شهادة ووثيقة على ممارسات العدوان والإجرام الصهيوني حيث للذاكرة الجمعيَّة المتوارثة من الأهل المُهجَّرين مَفاعيلها في ذات المُؤلّف وللذاكرة الشخصية من لقاءات بمناضلين ومُعايشة للأحداث الكبرى أثر النقش على الحجر، ومن جهةٍ أخرى الخدوش على تلك الذات الفلسطينية التي لاتمتلك إلا أن تكون صَلبة، تلك الخدوش التي تسبب بها المتساقطون كما وصفهم الكاتب الذين تخلوا في مرحلة ما عن نضالهم أو أولئك المُتعجرفون والمُتكسِّبون

على حساب القضية.

بالعودة إلى العنوان؛ نقش على حجر نجد أن أبقى المدونات عبر الزمن هي ما نُقشت على الحجر، فإن كانت عوامل المناخ تُفسد المدونات، وإن كانت القوى الهمجية ترميها في النهركما فعل المغول بالكتب في بغداد، أو تُحرق المكتبات، فإن النقش على الحجر برمزية الحجرالفلسطيني أداة مقاومة في متناول جميع الفلسطينيين ومدلول آخر للحجر يُعبّر عن صلابة الذاكرة، وبالتالي يرمز بتقديري للشخصية الفلسطينية ابنة الأرض التي تأبى التفتت والتبعثررغم كل ما تعرضت وتتعرض له.

خطَّ الباحث والإعلامي الفلسطيني القدير علي بدوان سطور سيرته الذاتية بلُغة راهجة لا تخلومن المرارة وتجلت بانوراما النضال الفلسطيني في وعيه عبر الأناشيد والفنون ومآثر ومقولات المناضلين ضد التغوّل الرأسمالي العالمي من أمثال جيفارا وماركس ولينين ومُناضلي فلسطين.

يستطيع القارئ أن يَستشفَّ من هذه السيرة الذاتية ملامح العمل الإعلامي الفلسطيني المَعني بالنضال والتحدي لإحقاق الحق كما كان لأناشيد الفداء والنضال حضور وافر في صفحات الكتاب، وكأننا بالكاتب يقول: هي الحامل الأبلغ لمشاعر ووعي المراحل التي ظهرت فيها.

من اللافت أيضاً حضور كثير من الأسماء في صفحات الكتاب ففي بوتقة العمل النضالي كل اسم هو جزء من المعنى والاتقاد في لوحة النضال، كما تضمَّن الكتاب أسماء كثيرة لأفراد العائلة المُهجَّرين من فلسطين، فحكاية كل منهم شاهد على قسوة التهجير وآثاره النفسية والاجتماعية وأثره الهائل على مستقبل أولئك الناس.

إن الأهل بالنسبة للفلسطيني ذاكرة تنضح بالسرديات الشفوية، حوَّلها الباحث والكاتب علي بدوان إلى ذاكرة مُدوّنة مُشيراً إلى أن إصداره نقش على حجر هو مُلخّص لسيرة ذاتية أكبر بكثير قد يقوم بنشرها مُستقبلاً.

السيرة الذاتية للفلسطيني تراجيديا لكنها لا تبعث على الإحباط واليأس بسبب اتقاد الذات الفلسطينية الساردة سواء كانت سيرة كاتب العمل أم مَن نقل عنهم، إنها الذات الصامدة رغم كل شيء والتي تُفقد بصمودها التراجيديات معناها وسطوتها فتغدو كأنها مَحض ظواهرشراريّة في مدار الجُرم العظيم الذي انطوى فيه العالم الأكبر كما يقول البيت الشعري المنسوب إلى سيدنا علي بن أبي طالب.

يذكر أن محتوى الكتاب جاء في ثمانية أقسام على امتداد 135 صفحة من القطع المتوسط مُتناولاً تشكّل الوعي والوعي الوطني لدى علي بدوان عبر مراحل الطفولة والشباب وصولاً إلى تاريخ طباعته، وهو يعرض تجارب شخصية ذات مغاز، كما يَعرض وعي هذه الشخصية الفلسطينية بعدد من التجارب الأُمميَّة بأبعادها النضالية والسياسية مما يجعله كتاباً زاخراً بالمعلومات.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى