نصب شهيد انتفاضة النبطية مهدّد بالاقتلاع!
آمال خليل – الأخبار
لم يكن إمرار إقامة احتفال تكريمي للشهيد سهيل حمورة في ساحة النبطية قبل شهر، سوى إمرار للوقت من قبل ناكري مشاركة الحزب الشيوعي اللبناني في انتفاضة عاشوراء ضد قوات الاحتلال الإسرائيلي في 16 تشرين الأول عام 1983. أمس، جمع إمام النبطية الشيخ عبد الحسين صادق أكثر من 30 من فاعليات المدينة، ودعاهم إلى توقيع عريضة لإزالة اللوحة التذكارية التي رفعها «الشيوعي» في موقع الانتفاضة، حيث سقط حمورة. مرتكز العريضة بأن «الشيوعي يسرق انتصاراً لكل الجنوبيين ولجبل عامل ولأهل البيت ويستخدمه سياسياً».
فور بدء التحضير لرفع اللوحة التذكارية قبل أكثر من شهر، ساد الجدل في «مدينة عاشوراء» بين مؤيد ورافض. لكن ليس لتكريم ابن جبهة المقاومة الوطنية اللبنانية فحسب، بل لعلاقة «الشيوعي» بما حصل في الأساس، قبل 37 عاماً. «انتفاضة عاشوراء كانت ردة فعل عفوية من المشاركين في إحياء مراسم العاشر من محرم في حسينية النبطية، أثناء مرور دورية معادية من بينهم»، رواية تناقلتها أجيال عدة في النبطية. وعليه، فإن الشيخ صادق وكثيرين سواه أنكروا رواية الشيوعيين بأن ابن ميس الجبل «كان واحداً من مجموعة مقاومين نفذوا عملية عسكرية لمصلحة جبهة المقاومة ضد دورية للعدو. خبأوا الأسلحة والقنابل داخل الجبانة المقابلة لساحة البيدر، قبل أن ينقضّوا على آليات العدو في مواجهة اختلطت فيها المواجهة العسكرية والمدنية». الرواية الحزبية تقاطعت مع موقف شقيق حمورة، عدنان الذي أكد أن شقيقه «استشهد خلال مواجهة عاشوراء ضمن عملية تدرّب عليها في صفوف الجبهة، لكن عائلتنا تكتمت عن التصريح عن انتمائه وظروف استشهاده بسبب وجودنا (حينذاك) تحت الاحتلال في ميس الجبل».
حتى الساعات الأخيرة قبل بدء احتفال «16 تشرين» قبالة حسينية النبطية قبل شهر، لم يكن محسوماً إذا ما كانت الذكرى ستمر على خير أم على تضارب وتحطيم للوحة. بمساعٍ من فاعليات المنطقة الحزبية، كظم أبرز المعارضين، الشيخ وحركة أمل، غيظهم وغطّوا نارهم برماد قرار القوى الأمنية بحماية الاحتفال والمشاركين. قبل أكثر من عشرين يوماً من موعد الاحتفال، تقدم الحزب بطلب ترخيص من محافظ النبطية بالوكالة حسن فقيه ومن بلدية النبطية. «ماطلا في منحنا الموافقة، لكنهما لم يمنعا تنظيم الاحتفال»، أكد المسؤول التنظيمي للشيوعي في منطقة النبطية يوسف سلامي. وداخل دائرة أحاطت بها قوات مكافحة الشغب وعناصر من الجيش وقوى الأمن الداخلي، تحلقت الرايات الحمراء حول اللوحة التي نصبت في زاوية طريق قبالة مبنى المقاصد، بعدما قرر «الشيوعي» تعديل موقع اللوحة من حيث سقط حمورة في محيط الحسينية إلى خارج نطاق أرض الوقف التي يشرف عليها إمام النبطية.
مع ذلك، لم تنطفئ نار الشيخ. بسرية تامة وبتوجيه دعوات خاصة، استضاف أمس في الحسينية فاعليات ومخاتير ورؤساء جمعيات ونائب رئيس بلدية النبطية صادق إسماعيل. ووفق مصادر مشاركة في الاجتماع، عرض صادق على المشاركين وثيقة استعرض فيها ظروف انتفاضة عاشوراء وانتقد اليسار والشيوعيين على فعلتهم والبلدية والمحافظة على تغطيتها. ودعا إلى تصحيح الخطأ بإزالة اللوحة. ممثلو «أمل» تحيّنوا فرصة انتقاد صادق للبلدية المحسوبة على حزب الله. صبّوا غضبهم على ممثلها وحمّلوها المسؤولية على السماح بإقامة الاحتفال. بشبه إجماع، وقّع الحاضرون على العريضة التي ستوجّه إلى المحافظ بالوكالة لإزالة اللوحة. لكن إسماعيل أعلن أنه سيوقّع باسمه الشخصي وليس باسم المجلس البلدي، الأمر الذي أثار غضب صادق و«أمل» مجدداً. انتهى الاجتماع على وعد من إسماعيل بمراجعة رئيس البلدية والأعضاء لاتخاذ موقف من العريضة.
في المقابل، أبدى سلامي في حديث إلى «الأخبار» مرونة في التعامل مع القرار بإزالة أثر شهيد روى بدمائه أرض النبطية. «في حال وجدوا أن من المناسب إزالة لوحة شهيد، فليفعلوا وليتحملوا المسؤولية. لكن يبدو أن ما يزعجهم ليس الشهيد، بل الحزب الشيوعي وجبهة المقاومة».
حتى مساء أمس، لم يكن الشيوعيون قد تبلغوا رسمياً أي قرار نتج من اجتماع الحسينية. «لا نستطيع اتخاذ أي خطوة قبل ذلك، وما زلنا نتصرف ضمن الأطر الجنوبية النبطانية الأهلية. إنما مهما كانت النتائج، نحن لم نسرق شيئاً. هناك شهيد وشهداء أحياء. وهناك بيان صدر حينذاك باسم جبهة المقاومة تبنّى العملية» قال سلامي.