أمران لا ثالث لهما يجمعان هذا الكم من التناقضات في كرة القدم، منتخب لبنان ومحمد عطوي.
رواد مزهر
تنظر الى الرصيف المقابل لمستشفى المقاصد، فتظن ان مباراةً لمنتخب لبنان ستبدأ بعد قليل، اذ يتواجد هناك ألمع نجوم الكرة اللبنانية من جميع الاندية مع اساطير تركت بصمتها في اللعبة الشعبية الاولى في لبنان، مدعومين بحضور جماهيري لبناني من مختلف الانتماءات والمدن والمناطق.
لكن، للمرة الاولى لا ينتظر احد منهم اطلاق صافرة انطلاق المباراة، بل جميعهم يتلون الدعاء لأمر واحد لا غير، وهو شفاء الخلوق محمد عطوي.
اللاعب الذي ترك بصمته في كل ملاعب كرة القدم من دون اي ضجيج، كان ينثر السحر أينما حل بلمساتٍ رائعة وتمريراتٍ عبقرية، وتسديداتٍ صاروخية توقظ الجماهير.
عطوي الذي خدم المنتخبات اللبنانية على مدار عشر سنوات، قدم كل ما يمكن تقديمه في الملاعب، وخدم الفرق التي لعب لها بإخلاص ابن البيت الجنوبي لأرضه.
الوجوه اسودّت والعيون شردت والكلمات تبعثرت والجميع يريد شيئاً واحداً فقط، لا بد لذلك الفتى البشوش ان يعود، بحيث لا يمكن ان يكون السرير الكئيب في تلك الغرفة مكانه.
لا، لا يمكن لمن يبتسم طوال الوقت ان يرقد هناك بذلك الهدوء، في غرفةٍ جامدة لا تشبه “ابو عطوي” كما يناديه رفاقه.
عطوي الذي اجمع الكل على احترامه ومحبته خلال مسيرته، ينجح مجدداً في توحيد الجميع، لعلّ وعسى ان يتوحّد كل لاعبي كرة القدم فيما بينهم ليصبحوا كتلة صلبة واحدة تطالب بحقوقهم وتنتزعها من براثن دولة غائبة عن الشباب والرياضة، وان يكون شفاء محمد عطوي هو بارقة الأمل في سماء كرتنا الحزينة.
أترك الرصيف عائداً ليلاً الى منزلي، ليبقى مليئًا بعد مغادرتي بثلة من الاوفياء بعيونٍ دامعة وقلوبٍ حزينة، لكن بآمال كبيرة بأن هؤلاء الشباب هم بارقة لغدٍ افضل، إن اتّحدوا.