ثقافة وفن

عذراً أيها الشيخ ……فأنت لست وكيلي” بقلم المحامية مريم الشامي

  • كتبت المحامية مريم الشامي
    ” عذراً أيها الشيخ ……فأنت لست وكيلي” يعتبر عقد الزواج لدى المسلمين الشيعة التابعين للمذهب الجعفري الإثنى عشري عقدا قائما وصحيحا وملزمالطرفيه البالغين حينما يلتقي العرض مع القبول برضا وإرادة طرفيه الحرة والواعية والصريحة على سنة الله ورسوله بعد تحديد نوع العقد لناحية مدته والمهر المتفق عليه
    كما لايشترط من الناحية الدينيةوجود رجل دين يشرف على عقد الزواج ،وان كان من ماضي الأيام قد جرت العادة ان يتواجد
    رجل الدين لضبط وتوثيق واقعة تبادل العرض والقبول بين طرفي العقد لتدوين ما تم الاتفاق عليه من مهر معجل او مؤجل او بعض الشروط كقيمة النفقة او مدة الحضانة او إعطاء العصمة للزوجة او غيرها ….
    وبما ان عدم اشتراط وجود رجل دين لتنظيم عقد الزواج او الإشراف على مراسيمه الغير موجودة اصلافي المذهب الجعفري جعل منه عقدا اقرب ما يكون الى العقد المدني منه الى العقد الديني
    ولكن ورغم رحابة الدين الإسلامي الحنيف وإنفتاحه ،وتحرير المذهب الجعفري الإثنى عشري الكريم عقد الزواج لدى ابنائه من سطوة رجال الدين وتدخلهم به ،بقيت العادات والأعراف والتقاليد تصادر إرادة أبناء المذهب الجعفري وتفرض عليهم طقوس تخالف المنطق الطبيعي للأمور وتجافي الروح الحقيقية لمبادئ المذهب الجعفري وإجتهاداته وإجماعه ،وتخالف الكثير من نصوص القانون الوضعي…
    – [ ] ومن أبرزالعادات الغير منطقيةو الملتصقة بعقود الزواج والتي دأبت نساءالمذهب الجعفري سلوكها بمعية أغلبية رجال الدين تتمثل بتوكيل المرأة للشيخ بغيةتزوجيها بحيث تتبدى وتظهر جلية عندما يتفق الطرفان على إجراء عقد زواج دائم فيبادران الى دعوة شيخ البلدة او المحلة او يذهبان الى المحكمة الشرعية الجعفريةفيحضران شخصيا امام الشيخ ويعلنان رغبتهما بالزواج ويطلبنا منه توثيق الزواج في سجلاته او سجلات المحكمة من أجل تدوينها لاحقا في سجلات الأحوال الشخصية ودوائر النفوس المختصةحفظا للنسب وتسلسل النسل والتنظيم الإداري ،الإحصائي
    – [ ] إلا ان الشيخ الكريم يطلب مباشرة من المرأة العروس بأن توكله نفسها لتزويجها من الرجل العريس الحاضر قبالتها بنفس الزمان والمكان ولا يفصلهما سوى مسافة شرعية سرعان ما تزول عند لحظة إقتران العرض بالقبول …. وبالفعل المرأة العروس توكل الشيخ دون ان يبرر لهاالسبب او الخلفيات او الحكمة من هذا التوكيل ولأنها في حاضرة دينيةوحضرة رجل دين وبسبب ما تربت عليه من إحترام ممزوج بالخوف والفزع من كل ما هو ديني …تقول للشيخ بعد ثلاث نداءات يتخللها صمت التقاليد “نعم أنت وكيلي “رغم انه بإمكانهادينيا وقانونيا ولفظياان تكون البادئة وتقول لعريسها “زوجتك نفسي …..”
    – [ ] هكذا وبكل بساطة تنتزع وكالة المرأة بإسم العادات والأعراف ويسوق لها زوراً على انها أمور دينية ويطمس الصالح بالطالح وتعتقد الناس جهلا أنها تطبق شعائر ربانية وان مخالفتهم لهاستدخلهم النار ويلقون بئس المصير
    – [ ] بكل أسف هذه هي الآليات التي تعتمد لدى إجراء عقود الزواج لدى المشايخ والمحاكم الجعفرية دون مراعاة لحريةالمرأة في خياراتها الشخصيةوفي قرار زواجها
    – [ ] فإزاء هذا الواقع وهذه الوكالات التي تنتزع من النساء باسم العادات والتقاليد والأعراف الغارقة بالتاريخ يلاحظ بان مفهوم الوكالةبمعناه القانوني الحقيقي الصرف ينسف أمام المحاكم الشرعية الجعفريةكما وينسف معه ويعدم حق من حقوق الأصيل وهو هنا المرأة عند اسناد وكالتها خوفا الى رجل دين شيخ قد لايزيد علما وعملا” وأدبا وفصاحة وايمانا منها،
    – [ ] وعليه فإن فكرة إسناد وكالة المرأة لرجل الدين عند رغبتها بعقد قرانها على رجل هي عادة وليست نصاً دينياوبالتالي يجب التخلص منها وإعادة الأمور الى نصابها الشرعي والقانوني العملي السليم عبرالسماح للمرأة في عقد الزواج الجاري امام المحاكم الشرعية الجعفرية او امام اي شيخ ان تعبر شخصيا عن رغبتها بالزواج اذا كانت حاضرةدون إسناد وكالتها الى رجل الدين الشيخ لأن المرأة بداية هي المبادرة في عقد الزواج ومن عندها تبدأ إجراءات العقد وهذا شيئ مقدس وحق خصها به المذهب الجعفري الرائع ولا يمكن مصادرته بإسم الحياء والخجل والصمت الذي اصبح يضج أذاننا بوكالات ووكالات تنتقص من قيمة المرأة وأهليتها ويشكك بقدراتها العقليةوترّمز الى عدم قدرتها على التلفظ ببعض الكلمات التي تعبر فيها عن إرادتها بإختيارها هذا الرجل او ذاك شريكا لها بالسراءوالضراء وعلى سنة نبينا محمد “ص”وعلى شريعتنا الإسلامية السمحاء
    – [ ] عدا عن ان اسناد الوكالة من المرأة الى رجل الدين الشيخ لا يأتلف لا بل يتناقض وفكرة عدم إشتراط وجود رجل دين في عقود الزواج بمعنى آخر ان الوكالة المسندة من المرأة الى رجل الدين خجالة،حياء او خوفاًيجعل من هذه الوكالة غير ذي جدوى كي لا نقول شيئ آخر لانه بحضور الأصيل لا حاجة للوكيل…فعذراً ايها الشيخ الكريم ولأنني حاضرة بالأصالة عن نفسي فأنت لست وكيلي
    – [ ] جنوب لبنان29/7/2020

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى