الجنوبيون يسلمون محصول التبغ للريجي وسط تحسن في الاسعار
النشرة
كما كان متوقعا، فإن الجنوبيين، الذين ينتظرون تسليم محصول التبغ كل عام في مثل هذه الايام بفارغ الصبر لسداد ديونهم وجني بدل اتعابهم على مدى عام، بدأوا بتسليم محصولهم من التبغ للعام الماضي الى ادارة حصر التبغ والتنباك الريجي ولمسوا ان الاسعار تحسنت عن الموسم الماضي اذ ارتفع سعر كيلو التبغ الواحد الف ليرة عمّا كان عليه العام الماضي ليصبح سعر الكيلو الوسطي 14 الف ليرة نظرا للجهود والاتصالات التي تولاها رئيس المجلس النيابي نبيه بري في هذا الاطار مع ادارة الريجي ووزارة المالية التي رفعت الاسعار هذا الموسم عما كانت عليه الموسم الماضي.
وقد انطلقت عملية شراء محاصيل التبغ من المزارعين الجنوبيين في عشرة مراكز حددتها ادارة الريجي في الجنوب وتوزعت ما بين كفررمان – النبطية، صيدا، وصديقين، تبنين، الصوانة، صريفا، رميش، عيترون، ميس الجبل، عيتا الشعب-الظهيرة على أنّ تسلم المحاصيل في بقية المناطق تباعاً في ضوء الأوضاع المناخية الملائمة، اذ يُتوقّع أن تجري العملية الثانية لتسلم محصول التبغ من المزارعين في البقاع في الأسبوع الثاني من كانون الثاني 2014، بينما تتمّ العملية في محافظة الشمال في الأول من الشهر المقبل.
موسم خيّر من حيث الكمية والنوعية
واعتبر نائب رئيس الاتحاد العمالي العام في لبنان ورئيس اتحاد نقابات العاملين في قطاع التبغ في لبنان الحاج حسن فقيه أنّ عملية شراء المحاصيل لهذا الموسم جرت بروح من التعاون البناء في الجنوب بين إدارة حصر التبغ والتنباك ونقابات المزارعين واتحادهم وبين المزارعين، ملاحظا أنّ هذا الموسم كان خيّراً كما العام الماضي من حيث الكميّة والنوعية، مما يبشّر بأسعار جيّدة تعود بالفائدة على الجميع، ويعزّز موقع الزراعة والإدارة العامة والاقتصاد الوطني عموماً.
وأشار فقيه، في حديث لـ”النشرة”، إلى أهمية زيادة أسعار شراء التبغ وضرورتها، وخصوصاً مع موجات الغلاء المتصاعدة على مختلف السلع والخدمات الحياتية، في حين أنّ مزارعي التبغ والتنباك ما زالوا يكافحون من أجل مطلبهم التاريخي المحقّ بشمولهم في الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي ومدهم بالقروض الطويلة الامد لتحسين الزراعة وتطويرها. واعتبر أنّ دعم رئيس المجلس النيابي نبيه بري للمزارعين هو الذي ساهم في هذه الزيارة، مشيراً إلى أنّ بري هو الحاضن الاول لمزارعي التبغ في الجنوب وفي لبنان وهو الذي رعى هذه الشتلة في الظروف الصعبة اثناء الاحتلال الاسرائيلي للجنوب وما يزال داعما لمزارعي التبغ.
16 ألف عائلة تعتاش بشكل مباشر من زراعة التبغ
وفي سياقٍ متصل، أوضح فقيه لـ”النشرة” أنّ المساحة المزروعة تبغا في الجنوب تصل الى 50 الف دونم، لافتا إلى أنّ كمية الانتاج من التبغ في الجنوب كانت العام الماضي 5 ملايين و400 ألف كلغ وهي تراجعت هذه السنة مع بدء الزراعة، لاسباب عديدة اهمها ارتفاع اجرة الايدي العاملة والمياه والاسمدة والحراثة والمازوت وغيرها مما تتطلبها هذه الزراعة، مشيراً إلى أنّ 16 الف عائلة تعتاش بشكل مباشر من هذه الزراعة وثمة اخرون يستفيدون من هذه الزراعة من خلال العمل الذي تتطلبه والمراحل التي تمر بها وصولا حتى قطاف موسم التبغ.
ولفت فقيه إلى أنّ المعدل الوسطي لسعر كيلو التبغ الواحد بلغ العام الماضي 13000 ليرة لبنانية، اي بزيادة الف ليرة عما كان عليه في الموسم الذي سبقه، وان هذه الزيادة كانت بفضل المساعي التي بذلها بري ووزارة المالية وادارة حصر التبغ والتنباك، وقال: “بسبب التضخم وزيادة الاجور، طالبنا هذا الموسم بزيادة الاسعار للمزارعين وان يكون هناك اهتمام بالزراعة من قبل الدولة ورعاية المزارعين بادخالهم بالضمان الصحي والاجتماعي الذي اقر لهم عام 2000 من قبل الصندوق المذكور والذي ارسله الى مجلس الوزراء وما زال في الادراج، وقد اجتمعنا مع وزير العمل سليم جريصاتي مؤخرا وطرحنا عليه هذا المشروع لتوسيع التقديمات الاجتماعية للمزارعين مع صيادي الاسماك وسوف نستكمل هذا البحث بجدية مع الحكومة الجديدة”.
زراعة مربحة للدولة…
وعدد فقيه المشاكل التي تعاني منها زراعة التبغ وهي القنابل العنقودية الاسرائيلية والتي ما زالت منتشرة في البلدات الجنوبية، وان اكثر المصابين بها هم من المزارعين لاسيما مزارعي التبغ مما يعيق الزراعة ويمنع المزارعين من التحرك في اراضيهم، فضلا عن ارتفاع اكلاف الزراعة، وتمدد البناء والعمران الى الاراضي الزراعية، مؤكدا ان هذه الزراعة ادخلت الى الخزينة العام الماضي 400 مليون دولار اميركي، وهي زراعة مربحة للدولة لكنها لا تسد رمق المزارعين.
ورأى فقيه انها، ورغم ذلك، تبقى داعمة للاستقرار الاجتماعي في الجنوب نوعا ما، ونوه بتعاون الادارة مع نقابات مزارعي التبغ في لبنان من اجل تحسين الزراعة للوصول الى جودة اعلى في الانتاج، مطالباً في الوقت عينه بمواكبة ذلك بدعم المزارعين لكي تبقى هذه الزراعة زراعة داعمة لصمود الناس وبقائهم في ارضهم وهي شكلت اثناء الاحتلال الاسرائيلي للجنوب أهم عامل من عوامل الصمود ضد الاحتلال الاسرائيلي.
من جهته، طالب أمين سر نقابة مزارعي التبغ في الجنوب أبو جمال حايك بتشجيع هذه الزراعة ودعمها واعطاء رخص جديدة للمزارعين لكي توزع على المعوزين والفقراء ليزداد عدد المزارعين العاملين في
هذه الزراعة رغم أنها متعبة ومضنية في آن.
مطالب ومناشدات
وفي الإطار نفسه، طالب العديد من مزارعي التبغ في يحمر وكفرتبنيت والزوطرين وميس الجبل وقبريخا ورميش الدولة ووزارة المالية برفع الاسعار للموسم المقبل لان اكلاف الزراعة في ارتفاع مستمر وهي لا توازي التعب والسهر ولا بديل عنها لانها زراعة عائلية تعمل فيها العائلة باكملها من الصغير الى الكبير ويتداخل الموسم الزراعي بموسم تسليم التبغ، ويشكو المزارعون من بقاء الأسعار كما كانت عليه منذ عشرين عاماً مع تعديل طفيف العام الماضي وهذا العام لا يوازي التعب وارتفاع الكلفة، مناشدين المسؤولين المعنيين في وزارة المال وإدارة الريجي العمل على رفع الاسعار بما يتناسب مع أكلاف زراعة التبغ المرتفعة دوماً، مما يؤدي إلى تكبدهم خسائر فادحة، خصوصاً أن هذه الزراعة كانت الدافع الأول لصمود الجنوبيين في أرضهم أثناء الاحتلال الاسرائيلي وما تزال العمود الفقري بالنسبة لهم.
وفي هذا السياق، أوضح المزارع حسن ناصر أن المزارعين لا يقدمون على زراعة التبغ حباً بها، بل لأنها الزراعة الوحيدة التي يسهل تسويقها، لا سيما بعد سياسة الدعم التي اعتمدتها الدولة في شرائها للمحصول منذ سنوات عديدة، مطالباً رؤساء الجمهورية والحكومة والمجلس النيابي والمسؤولين في وزارة المالية وإدارة الريجي بمواصلة دعم هذه الزراعة باعتبارها الخيار المتبقي للمزارعين الجنوبيين.
وشدد المزارع عباس حمامص على مطالبة المسؤولين المعنيين بالعمل بالسرعة القصوى على إدخال المزارعين في الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي، لكي يضمنوا عائلاتهم على الصعيدين الصحي والاجتماعي، وبإنشاء بنك لتسليف المزارعين بفائدة لا تتجاوز الواحد في المئة، ورفع سقف إنتاج الدونم الواحد من التبغ، إضافة لمساعدة المزارعين بالأسمدة والمبيدات والأدوية الزراعية.