تغييب حزب الله عن ذكرى مصطفــى سعد
آمال خليل – الأخبار
ساءت الرؤية مساء السبت في صيدا، حيث غطى الضباب الأفق أمام جزء من الصيداويين الصامدين تحت الجناح الوطني. للمرة الأولى منذ عشر سنوات، غاب حزب الله عن برنامج الاحتفال بذكرى رحيل المناضل مصطفى سعد الذي نظمه، كما في كل عام، التنظيم الشعبي الناصري في مركز الشهيد معروف سعد الثقافي. لم يتفهم كثيرون من التنظيم وأنصاره سبب غياب الحزب عن ذكرى توأمه الصيداوي التاريخي في المقاومة والسياسة. البعض همس بأن إشراكه في احتفال هذا العام لم يحز إجماعاً من الأعضاء المعنيين باتخاذ القرار بهذا الشأن. هؤلاء ظنوا أن استبعاده أفضل «مراعاة للحساسية الصيداوية المستجدة ضده بعد أحداث عبرا». كأن الجمهور الصيداوي الذي يستفزه الحزب، قد حضر الاحتفال الذي لم يجذب سوى القاعدة الوطنية المعروفة التي لم تؤثر بها المذهبية، لا بسبب أحداث عبرا ولا قبلها بسبب أحداث السابع من أيار. فهل أرضى الأمين العام للتنظيم وشقيق الراحل، أسامة سعد، هذا الجمهور الصيداوي المفترض، باستبعاد الحزب واقتصار حضوره رمزياً على مسؤوله في المدينة؟ علماً بأن سعد نفسه يؤخذ عليه، بحسب مصادر مواكبة، أنه «لم يستثمر مرحلة ما بعد الأسير ليرفع أسهم الجو الوطني الذي يشكل رافعته في المدينة، وذلك بالمقارنة مع النائبة بهية الحريري التي حاولت السيطرة على صيدا، وصولاً حتى عبرا، من خلال اللعب على الوتر المذهبي والتحريض على الجيش والسيطرة على عملية إعادة إعمار عبرا والتعويض على المواطنين، ولو من جيب الدولة، ثم دعوتها إلى إفطار على شرف الجيش في مجمع البيال في الثالث من الشهر المقبل لضبط إيقاع التعاون مع قيادته، ولا سيما في السعي إلى الإفراج عن موقوفي أحداث عبرا وتبديد مواقفها الهجومية السابقة ضده. كل هذا حريرياً، فيما لم يسجل للتنظيم الشعبي أي تحرك في هذا المجال».
هل يؤسس أسامة سعد لموقع وسطي متمايز عن 8 و14 آذار، يناقض آل الحريري لكنه لا يستفز المدينة التي انزلق الكثير من أبنائها إلى أتون المذهبية والعداء للحزب؟ تساؤل آخر تردد على الألسنة بعد أحداث عبرا ليجيء احتفال أول من أمس ليعززه أكثر فأكثر؛ إذ إن استبعاد الحزب واستبداله بكلمة للنائب هاني قبيسي ممثلاً للرئيس نبيه بري في الاحتفال، أثار جدلاً واسعاً بين صفوف وطنيي المدينة. البعض وجد في الخطوة مساهمة في الجو المذهبي والمناوئ للمقاومة الذي يبثه في المدينة تيار المستقبل وقبله أحمد الأسير، فيما رأى آخرون في الخطوة «خيانة لتاريخ صاحب المناسبة الذي التصق بالحزب منذ الثمانينيات في خندق المقاومة والسياسية»، مذكرين بدوره في إنهاء الاقتتال بينه وبين أمل في إقليم التفاح والتصاقه به نيابياً منذ دورة عام 1992 وحتى وفاته. وفي هذا الإطار، لفت هؤلاء إلى أن سعد كان ينحاز إلى الحزب ضد أمل المتحالفة مع رفيق وبهية الحريري، إن اقتضت الظروف، ومنها الانتخابات النيابية عام 1992.
في كلمته، وجد سعد أن «أي دعوة لإنهاء المقاومة، سواء جاءت من الداخل أو من الخارج، إنما تقدم أكبر خدمة للعدو لأنها تجعل لبنان وثرواته فريسة سهلة أمامه». وأكد أن صيدا «بقواها الحيّة الوطنية والديمقراطية، مصرة على أن تبقى أمينة لدورها وموقعها وتاريخها. وهي تدعو الجميع إلى تجاوز المرحلة الأخيرة وإلى العمل لتعزيز التفاعل والتكامل في منطقة صيدا، فصيدا للكل، والجنوب للكل، ولبنان لكل اللبنانيين».
قبيسي حيّا مسيرة آل سعد للحفاظ على صيدا مدينة مقاومة عربية في زمن تحارب فيه العروبة وتختزل اللغة العربية لمصلحة لغة التحريض والفتنة. أما النائب ميشال موسى، فاستذكر تجربته مع مصطفى سعد في عودة المهجرين المسيحيين إلى بلداتهم في شرقي صيدا. وكانت كلمة لسفير فلسطين في لبنان أشرف دبور.