بعد أن ودعت مقاعد الدراسة منذ 17 عاماً.. “منى” أم لأربعة أولاد انعشت حلمها ونالت الشهادة الثانوية
العلم رغبة وطموح.. فقد يصبح الإقبال عليه من امتلاءِ القلب شوقًا له، كحالة “منى”، ودعت المقاعد الدراسية منذ 17 عاماً، أربعة أولاد، زواج ومسؤولية، كل هذه الظروف لم تكن عائقاً أمام السيدة منى أحمد الرومي من بلدة الغسانية لتكمل علمها، وها هي بلغت من العمر 32 عاماً، “فالعلم لا يقتصر على العمر” مقولة أثبتتها منى بجدارة، بعدما قدمت طلبها على الشهادة الرسمية الثانوية فرع ” الاقتصاد والاجتماع” وحققت نجاحها، فمن قال أن من ينال الشهادة الثانوية يجب أن يكون في السابعة عشر من عمره؟ لا، فقد وضعت منى قاعدة حسابية جديدة، وهي أنها جمعت سبعة عشر عاماً من عمرها واستبدلتها “بنجاح” وما أجملها من كلمة، فكانت سعادة منى وسعادة اولادها وعائلتها بها سبعة عشراً ضعفاً من نجاح أي شخص آخر.
كان حجم الفخر الذي شعرت به كبيراً جداً عندما جلست منى على المقاعد تستلم أوراق الامتحانات وهي في الثانية والثلاثين من عمرها، ففي صغرها كانت الذاكرة والقوة، ولكن الآن تملك الخبرة والوعي والقدرة على فهم وتخطي بضع مواد وبعض دروس، فأولادها الأربعة “زهراء، بتول، علي و نور” الذين تتراوح أعمارهم بين السادسة عشر و الخمس سنوات سيحدثون بانجاز والدتهم و يعتبرونها المثال الأعلى بما قامت به، فلا شك اذا كانت والدتهم بهذا الطموح والحب للعلم، سيتخطون مراحل عميقة من العلم وسيصنعون الكثير من الانجازات، فطوبى لهم “أمهم”.
هذا ليس كل شيء، فطموح منى أكبر من ذلك بكثير، فهي تحلم بشهادة دكتوراه تلوح لها في الأفق، وقررت أن تغوص في مجال التعليم الجامعي، و انتقت اختصاص “العلوم الاجتماعية”، بعدما لاقت الدعم الكامل من زوجها “حسن ترمس” الذي ساندها وكان الى جانبها يقدم لها كل يوم باقة من المعنويات والتقدير، أما أولادها فكان شعورهم مميزاً جداً، فما بالك أن تدرس أنت ووالدتك كل يوم؟ وتتشاجران على الأصوات العالية التي تزعج الآخر؟ او على صوت التلفاز المرتفع؟ وتتنسفان من سينهي دروسه قبل؟ فربما استيقظ طفلها الصغير “علي” في يوم امتحاناتها وهمس لنفسه ضاحكاً: “أمي ستذهب لتقديم الامتحان وأنا سأخلد الى النوم مجدداً “.
حال كثير من السيدات كحال منى، تركن مقاعد الدراسة وتزوجن وانجبن الأطفال، فهن يعتقدن الآن أنهن لا يملكن الوقت والقدرة على اكتمال تعليمهن، وأنهن تجاوزن العمر المحدد، لكنهن يستطعن النظر الى السيدة منى، التي باتت مثال وعبرة لهن، ولكل السيدات، أنهن قادرات على تحقيق أكثر من هدف في الوقت عينه، فقدراتهن تفوق كل الاحتمالات.
المصدر: بنت جبيل.اورغ