اسواق صيدا عشية عيد الفطر المبارك: حركة لا تهدأ… وامال بالتعويض عن الركود
النشرة
على الرغم من الأوضاع الاقتصادية الصعبة والضائقة المالية التي تعاني منها مختلف العائلات اللبنانية، تنشط الاسواق التجارية في مدينة صيداعشيّة عيد الفطرالمبارك، وهي في حركة لا تهدأ، وقد تضافرت عدة عوامل لجعلها ناشطة ومقبولة في حركة البيع، اولها الاستقرار اللبناني السياسي والامني بعد انجاز القانون الانتخابي الجديد والذي انعكس ايجابا على دورة الحياة وارتياحا لدى المواطنين وساهم في تفعيل الدورة الاقتصادية، وثانيها إفتتاح الاسواق ليلا ما يتيح لجميع المواطنين شراء احتياجاتهم تفاديا للحرارة والرطوبة والتعب والارهاق خلال النهار، وثالثها الحسومات التي اعلنها التجار واصحاب المحال لجذب الرواد والتي وصلت الى حدود 50% وهو امر غير متاح في معظم اشهر العام.
يدرك التجار جيدا، أن المتسوقين لمناسبة عيد الفطر المبارك لديهم “ميزانية محدودة” وذلك أن مصاريف شهر رمضان المبارك كانت باهظة، وقد استنزفت رواتبهم الشهرية باكرا، مع متطلباته الضرورية من السلع الغذائية والحلوى والشراب، لكنهم بالمقابل يرفضون ان يمر العيد دون ان يشتروا لاولادهم الثياب الجديدة والالعاب والحلوى خلافا لعيد الاضحى المبارك خاصة مع انتهاء العام الدراسي وبدء العطلة الصيفية، دون ان ينسوا في ذات الوقت ما ينتظرهم من مصاريف اضافية، لذلك فان أرباب الأسر اليوم يدرسون خطواتهم في الأسواق.
داخل أسواق صيدا يتعالى اصوات الباعة، وتملأ وجهات المحال التجارية اعلانات التنزيلات والحسومات التي تتراوح بين 30 و50 % ولا سيما في قطاعي بيع الألبسة والأحذية، وتزدحم الحركة عصرا وتزداد ليلا بعدما اعلنت جمعية تجار صيدا وضواحيها عن افتتاح كافة المؤسسات والمحلات في الأسواق التجارية بعد الإفطار منذ الخميس الماضي، وتستمر لغاية مساء ليلة العيد المتوقعة يوم السبت، على أن تقفل المحلات التجارية أبوابها في الأول والثاني من أيام عيد الفطر السعيد، وقد رفع هذا الافتتاح من وتيرة عجقة التسوق، حيث تعج اسواق المدينة بعد الافطار وصلاة التراويح بالمتسوقين والزوار الذين لا يقتصرون على ابناء المدينة وجوارها، بل “يحجّون” اليها من المناطق القريبة ومن اقليم الخروب.
الباعة المتجوّلون
قبيل العيد، انتشرت ظاهرة الباعة المتجولين الذين ينصبون عرباتهم بمحاذاة الأرصفة، ويعرضون فيها الحلوى والألعاب والساعات وبعض الثياب وكل احتياجات العيد، وتكون عادة بأسعار مقبولة وارخص من بعض المحال تناسب مختلف الطبقات الاجتماعية.
ويقول صاحب “بسطة” حلوى غريب ورد، لقد غضّت بلدية صيدا البصر عن عملنا على “البسطات” في هذه الايام، اننا نبيع كيلو الشوكولا بـ6 الاف ليرة لبنانية، ويقبل المواطنون عليه على اعتبار ان السعر مقبول ورخيص قياسا على مثيلاتها في المحال التجارية الفخمة، مشيرا الى ان الضائقة المالية تدور على الجميع من باعة ومواطنين وعمال على حد سواء، وكل واحد يحاول ان يوفّر على نفسه ويدخل السعادة والبهجة على قلوب عائلته.
بينما يقول المواطن محمد الملاح، “أقصد هذه العربات كي اشتري كل احتياجات العيد، فأسعارها زهيدة وتناسب الطبقات الفقيرة، بينما تتضاعف مثيلاتها في المحال التجارية، لانه في ظل الغلاء وارتفاع الاسعار وقلة الاموال، لم يعد باستطاعتنا شراء كل ما نريد، اننا نشتري “الضروريات”، لقد طارت “الكماليات” من قاموس حياتنا”.
على امتداد السوق، من شارع الاوقاف الى الشاكرية، تفصل العربة عن الاخرى بضعة امتار، كل يأخذ رزقه، ينادي خالد حجازي على معموله المشكّل بين الفستق الحلبي والجوز والتمر، يقول “قرّب يا فقير، الكيلو بـ6 الاف ليرة لبنانية فقط”، مشيرا الى ان هذه الحلوى اساسية في العيد ومن لم تدخل منزله كأن العيد لم يمر عليه”.
بينما اكدت المتسوقة هبة السبع أعين، “ان الحسومات والتنزيلات ملفتة ومقبولة ولكن الاسعار في الأساس بارتفاع مضطرد سنة بعد أخرى، وتبقى ثقيلة على رب العائلة رغم الحسم وخاصة اذا كان لديه اكثر من ولد صغير، ونحن نضطر لأن نحدد ميزانيتنا مسبقا، لنعرف ماذا بامكاننا ان نشتري، وطبعا الأولوية هي للأولاد وحاجاتهم من البسة واحذية”.
ويقول المواطن عبد الرحمن آغا، وهو يشير بيديه الى لوحات الاسعار والتنزيلات مقابلها، لم يعد هناك سيولة لدى الناس، وغالبية الموظفين لم يقبضوا رواتبهم حتى اليوم ونحن في نهاية الشهر، ما يجعل حركة الشراء مقيدة ومحدودة ولكن لا مناص من شراء الثياب للاولاد على الاقل وبعض الحلوى لنفرح بالعيد بعد صيام شهر طويل.
الشريف والامال
بالمقابل، يأمل التجار ألاّ تكون هذه “الحركة بلا بركة”، اي حركة للتفرج بالعيون دون مد اليد الى الجيوب ودون شراء، بحيث تعوض عليها الخسائر التي وقعوا فيها في الفترات السابقة، حيث عانوا الجمود والركود نتيجة الخلافات اللبنانية والاحداث الأمنية المتنقلة والتي دفعت ببعضهم الى الافلاس او الاقفال او تسريح عدد من الموظفين.
ويؤكد رئيس جمعية تجار صيدا وضواحيها علي الشريف، أن التنزيلات التي قام بها التجار لمناسبة هذا الشهر، تشجع المواطنين على التسوق وتراعي اوضاع وامكانات ذوي الدخل المحدود، متوقعاً في حديث لـ”النشرة” ان تبلغ الحركة في الاسواق ذروتها خلال اليومين المقبلين، مشيرا الى تأمين التيار الكهربائي بشكل دائم خلال الليل للأسواق التجارية، لتسهيل حركة المواطنين، معتبرا أن ذلك من شأنه أن يسهم في تعزيز وتفعيل النشاط التجاري والسياحي في المدينة.
وقال الشريف: “إن الجمعية وفي هذه الظروف الصعبة التي يمر بها لبنان والوطن العربي، تشعر بمسؤولية عالية إزاء الوضع الإقتصادي المتردي علي صعيد الوطن وعلى الصعيد المحلي، والذي ينذر بعواقب كارثية على المؤسسات التجارية حيث إنخفاض القوة الشرائية بالتجزئة إلى أدنى المستويات، والذي لم يشهده لبنان منذ عقود طويلة، لهذا، تمنت الجمعية على التجار المساهمة إلى أقصى حدود بتخفيض الأسعار أمام تسوق المواطنين خلال فترة الأعياد”.
سُعُف وهدايا
بمحاذاة جبانة صيدا القديمة في محلة “الشاكرية”، انتشر باعة “الريحان” وسعف النخيل، يبيعون الرزمة منها ببضعة آلاف من الليرات، لتكون هدايا الأحياء إلى الاموات وشاهدا على المحبة والذكرى حيث تشهد المقبرة توافد الاهالي الذين يعملون على تنظيف أضرحة المقابر إستعدادا لزيارات العيد.
وتقول الحاجة زهرة حجازي، “عشية كل عيد، نأتي إلى هنا لنقرأ الفاتحة عن أرواح الموتى الذين نفتقدهم مع الأعياد والمناسبات الفرحة… وفي طريقنا إليهم نشتري الريحان وسعف النخيل كي تكون هدية وعربون وفاء وذكرى لمن نحب”.
وعند بحر العيد، أعاد اصحاب الاراجيح الحديدية القديمة تأهيلها وصيانتها بعد توقفها عن العمل منذ عيد الأضحى، ويأمل هؤلاء ان يكون العيد مناسبة لكسب رزقهم ويعينهم على سد جانب من احتياجاتهم المتزايدة مع ارتفاع الاسعار.
في النهاية يأمل الصيداويون أن يحمل العيد لهم البركات والسلام بعد أن أحضر قانون الانتخاب “الطمأنينة” ولو نسبيا الى لبنان.