بعد اكتشاف الشبكة الارهابية… العين على “عين الحلوة”
كل الانظار متجهة الى مخيم عين الحلوة… وسط انشغال امني لبناني وفلسطيني بالاعلان عن ارهابي من المخيم، تحدثت التحقيقات الاولية على انه رأس الشبكة الارهابية الخطيرة التي تمكن الامن العام اللبناني من كشفها وتوقيفها، قبل ان تدخل عملياتها الارهابية الموصوفة مرحلة التنفيذ.. ليأتي الملف الامني الجديد فيزيد من حجم العبء الامني الذي يلقي بظله على المخيم، ومن تعقيدات ملفه الامني الحافل بلجوء عشرات الارهابيين اللبنانيين والفلسطينيين الى داخل مربعات امنية في المخيم، هربا من الوقوع في قبضة الجيش اللبناني والقوى الامنية الاخرى.
ان يتحدث مدير عام الامن العام اللبناني اللواء عباس ابراهيم عن تورط فلسطينيين في الشبكة، وبخاصة خالد السيد الذي ارتبط اسمه بعمليات ارهابية، فانه يبث رسالة… قد تُفهم على انه بات مستحيلا التعامل مع ملف في هذا المستوى من الخطورة «مرور الكرام»، والمسارعة في الاعلان عن ان لا وجود للارهابي رأس الشبكة الارهابية في المخيم، ولن يكون مجديا اعادة سيناريو ملفات شادي المولوي واحمد الاسير وفضل شاكر وآخرين، ليتبين انهم يقيمون في مربعات امنية داخل المخيم… وهذه المرة، بات الجميع امام مسؤولية البحث عن معالجة جدية وحسم نهائي لملف المطلوبين اللبنانيين والفلسطينيين المقيمين في المخيم، ولعل اخطر ما كشفته التحقيقات مع افراد الشبكة التي ساق الامن العام افرادها من «مخبأها»، بمؤازرة من مخابرات الجيش اللبناني وفرع المعلومات في قوى الامن الداخلي، ان الفلسطيني خالد السيد الارهابي احد الاساسيين في الشبكة، وفق ما تؤكد الاوساط الامنية اللبنانية، هو المكلف من تنظيم «داعش» باعداد سبع عمليات تفجير، كانت كفيلة باحداث هزة امنية كبرى في الداخل اللبناني، تُعيد حرب الاجهزة الامنية اللبنانية مع التنظيمات الارهابية الى المربع الاول، الامر الذي يطرح تساؤلات عما اذا كنا امام مرحلة تفكيك الملفات الامنية الاخطر، وبالتالي، فتح ملف المخيمات الفلسطينية وبخاصة مخيم عين الحلوة الذي لم يخرج بعد من «غيبوبته» الامنية التي يعيشها منذ توقفت الاشتباكات المسلحة التي دارت قبل شهرين، بين حركة «فتح» والتنظيمات الارهابية التي تقودها مجموعة من الارهابيين المطلوبين للقضاء اللبناني.
الانجاز الذي يُسجل للامن العام، يتكامل مع الانجازات الامنية الاخرى التي حققتها مختلف الاجهزة الامنية على مدى السنوات الماضية، في سياق الحرب الاستباقية للارهاب وتنظيماته وتشكيلاته المتعددة العاملة في الداخل اللبناني، والتي اكدت التحقيقات انها على ارتباط وثيق بالتنظيمات الارهابية الام التي تقاتل في سوريا والعراق، والتي يتصدرها تنظيم «داعش» و«جبهة النصرة»، وهو ما اكدته الاعترافات الاولية التي تسربت من ان الشبكة تعمل باشراف ما يسمى ضابط الارتباط في تنظيم «داعش» في الرقة السورية، وضابط الارتباط هذا، هو الفلسطيني خالد السيد المقيم في مخيم عين الحلوة، وهو احد اخطر المطلوبين للاجهزة الامنية اللبنانية، على خلفية تورطه بعمليات ارهابية. لكن يبقى اللافت ورود ما يسمى «تنظيم الدولة الاسلامية في سوريا وافريقيا» في دلالة على ارتباط عمل الشبكة بالعمليات الارهابية التي تسجل في دول افريقية، او ان لغزا ما في الامر، لم يُكشف بعد.
ثمة من يقرأ في الصيد الثمين الذي اتسم بخصوصية في تركيبة اعضاء الشبكة الارهاربية التي ضمت يمنيا وسوريا وخمسة فلسطينيين وسوريين وفلسطيني، انه وجَّه الانظار مجددا الى مخيم عين الحلوة، بعد ان تم كشف هوية «مايسترو» الشبكة الارهابية الذي شكل محور عمل الشبكة والاساس في تنفيذ عملياتها الارهابية التي كانت تنوي القيام بها، وتتركز على عمليات اغتيال لعسكريين لبنانيين وشخصيات حزبية ودينية، والاخطر عملية انتحارية تستهدف مطعما في قلب الضاحية الجنوبية في توقيت الافطار، وهجوم انتحاري يستهدف مطار بيروت، واستهداف احد رجال الدين المسلمين في الجنوب. فالعملية الامنية المعقدة للامن العام اللبناني، التي حققت خطوة متقدمة في الحرب الاستباقية على التنظيمات الارهابية، والتي سبقتها عملية نوعية لفرقة كومندوس من مخابرات الجيش اللبناني داخل مخيم عين الحلوة، وادت الى سوق الارهابي عماد ياسين احد ابرز «امراء» التنظيمات الارهابية العاملة في لبنان، اسست الى تضييق الخناق الاكثر على التنظيمات والجماعات الارهابية، فثمة من يلفت الى ان تفكيك الخلايا الارهابية على تضم امراء وقياديين وخبراء متفجرات، سيحمل الكثير من المؤشرات التي تؤكد نجاعة الحرب الامنية التي تخوضها الاجهزة الامنية اللبنانية ضد التنظيمات الارهابية، ولو تم التدقيق بلائحة اسماء الارهابيين الخطرين الذين باتوا في قبضة القضاء اللبناني، بعد عمليات امنية معقدة واستباقية، لكان عُرف حجم الاستهدافات الامنية المرسومة للساحة اللبنانية، تناغما مع ما يحصل في سوريا والعراق وساحات اخرى في المنطقة.
الرسالة وصلت… الى من يعنيهم الامر في مخيم عين الحلوة وباقي المخيمات، لكن الامر هنا لا يحتمل التعامل مع ملف السيد بصفته المسؤول الاول عن التخطيط لمسلسل من العمليات الارهابية، بعضها نُفذ، وبعضها الاخر جرى احباطه في الاونة الاخيرة، كما جرى مع ارهابيين مطلوبين آخرين، ما زالوا يتحصنون داخل مربعات امنية مقفلة في مخيم عين الحلوة، ولم تتمكن الفصائل الفلسطينية بمجموعها ان تتقدم، ولو خطوة واحدة في مسيرة تنظيف ساحة المخيم من التنظيمات الارهابية، الامر الذي يضاعف من مسؤولياتها تجاه السلطات اللبنانية، وبخاصة الجهات الامنية والعسكرية التي ما تزال تحافظ على وتيرة استنفارها عند مداخل المخيم، انطلاقا من انها اصبحت بوابة لتصدير الاستهدافات الامنية التي تعمل على اعدادها وتنفيذها التنظيمات الارهابية، كترجمة للاجندة الوافدة من خارج الحدود… فهل تعي القيادات الفلسطينية حجم الاستهدافات التي تطال لبنان؟ وتشرع الى محاصرة البؤر الارهابية داخل المخيم.. واستعادة الهوية الحقيقية للمخيم ولابنائه الذين دفعوا فاتورة غالية من الدم والتدمير والنزوح، جراء ممارسات الجماعات الارهابية داخل المخيم.
جاد صعب- الديار