منوعات

مبارزة تصاعدية بين التزامات الدولة وتعنّت “الحزب سلام يتعهّد عدم السكوت عن أي سلاح خارج السلطة

كتبت صحيفة “النهار”: قبل أن تطوى نهائياً تداعيات الانتخابات البلدية والاختيارية التي بدأت بعدها أمس انتخابات اتحادات البلديات ورؤساء مجالس البلديات التي لم ينتخب رؤساء بلدياتها، بدأ الحكم والحكومة تركيز الاتصالات الديبلوماسية وإعلاء المواقف لإنجاز نشر الجيش في الجنوب ومضاعفة الضغوط على إسرائيل، باعتبار أن الحلقة التالية يفترض أن تطلق المساعي الجديّة للبدء بإعادة إعمار المناطق المدمرة والمتضررة.
غير أن هذا الاتجاه لم يحجب التعقيدات التي لا تزال ماثلة بقوة أمام الدولة اللبنانية التي بالكاد تمكّنت من المونة على الولايات المتحدة الأميركية لتمرير انتخابات الجنوب السبت الماضي، من دون تصعيد إسرائيلي كان يمكن أن يعطل الجولة الرابعة والنهائية من الانتخابات. وقد شكّل استئناف الغارات والعمليات الإسرائيلية التي كان آخرها عصر أمس على السلسلة الشرقية رسالة واضحة حيال عدم حصول أي تغيير إيجابي في المنحى الميداني جنوباً وعبر الجنوب، ولو أن ملف انتشار الجيش اللبناني واستكماله في جنوب الليطاني وإعلان الاتجاه إلى سحب السلاح الفلسطيني من المخيمات، بدءاً بمخيمات بيروت يفترض أن يشكلا تطورا مفصلياً لجهة بدء المعالجات الديبلوماسية الناجعة وتحديداً المعالجات الأميركية لملف بسط السيادة اللبنانية.
ولا تقتصر المحاذير التي عادت إلى الظهور بقوة مع استئناف الغارات الإسرائيلية على مناطق لبنانية جنوبية أو بعيدة عن الجنوب، بل إن المواقف النمطية للأمين العام لـ”حزب الله” الشيخ نعيم قاسم الذي اختار اليوم التالي لانتخابات الجنوب ليعيد ترداد معزوفة المقاومة والتمسك بثلاثية “جيش شعب مقاومة” في تحدً مباشر للمواقف والالتزامات التي يدأب على إطلاقها كل من رئيس الجمهورية جوزف عون ورئيس الحكومة نواف سلام، باتت تثير التساؤلات بعمق أكبر وأكثر اتساعاً عما يراهن عليه الحزب بعد كل هذا الطوفان الكارثي الذي تسبّب به للبنان؟
ولذا اكتسب أحدث موقف أعلنه رئيس الحكومة نواف سلام أمس طابعاً ودلالات بارزة للغاية، إذ أعلن أن “المنطقة شبعت من الاستقطاب الإيراني – الأميركي”، وقال: “عصر تصدير الثورة الإيرانية انتهى”. وأعرب عن أمله بعودة العرب إلى لبنان، وقال في حديث تلفزيوني: “الأشقاء العرب وأصدقاؤنا في العالم كانوا قد فقدوا ثقتهم بلبنان، ونعمل ليل نهار على استعادة ثقة العرب بلبنان، وآمل أن يعود العرب إلى لبنان كما عاد لبنان إليهم، وبدعم الأشقاء العرب وأصدقائنا في العالم سنكون أقدر على النجاح. ولبنان سيكون أرضاً جاذبة للاستثمارات العربية، والعمل جارٍ على توفير الشروط التي تسمح بعودة التصدير للسعودية”.
وعن مسألة السلاح في لبنان، قال: “لن نسكت عن بقاء أي سلاح خارج سلطة الدولة”. وفي ما يتعلق بسلاح المخيمات في لبنان، أكد سلام أن “الخطر في سلاح المخيمات هو أن يتحول إلى فتنة فلسطينية- فلسطينية، وقوة فلسطين اليوم ليست بالسلاح وإنما بالاعتراف الدولي والديبلوماسية”.
بدوره، أبلغ رئيس الجمهورية جوزف عون وفداً من الكونغرس الأميركي استقبله قبل ظهر أمس في حضور السفيرة الأميركية ليزا جونسون، أن “لبنان ملتزم تطبيق قرار مجلس الأمن الدولي الرقم 1701 وأن الجيش اللبناني انتشر في جنوب الليطاني ويقوم بدوره كاملاً في تطبيق ما اتفق عليه في تشرين الثاني/ نوفمبر الماضي، في وقت لا تزال إسرائيل تواصل أعمالها العدائية ضد لبنان وتحتل التلال الخمس ولم تُعد بعد الأسرى اللبنانيين، على رغم المراجعات المتعددة التي يقوم بها لبنان، ولا سيما مع الولايات المتحدة الأميركية وفرنسا راعيتي الاتفاق الذي مُدّد العمل به حتى 18 شباط/ فبراير 2025 من دون أن تفي إسرائيل بما التزمته”.
وشدّد على أن “استمرار الاحتلال الإسرائيلي يعقّد الأمور وينتهك الاتفاق الذي وقعته إسرائيل، وما يطلبه لبنان هو انسحاب إسرائيلي كامل حتى يتمكن الجيش اللبناني من الانتشار حتى الحدود الجنوبية وحمايتها، والجيش سيواصل انتشاره حتى يبلغ عديده نحو عشرة آلاف عسكري، مع الإشارة إلى اتّساع المساحة في الجنوب والواقع الجغرافي والطبيعي فيه”.
وعن الحوار مع الفلسطينيين في لبنان، أبلغ الرئيس عون الوفد أن “المحادثات مع رئيس دولة فلسطين محمود عباس كانت جيدة واسفرت عن اتفاق على تطبيق مبدأ حصرية السلاح على المخيمات الفلسطينية أيضاً، وتم تشكيل لجان مشتركة لتنفيذ ما اتفق عليه، على أن يبدأ تسليم السلاح في منتصف الشهر المقبل في ثلاثة مخيمات فلسطينية في بيروت، علماً أن الرئيس الفلسطيني قدم كل الدعم للدولة اللبنانية وللجيش، وستتم متابعة مراحل تطبيق الاتفاق مع الفلسطينيين لأن القرار متخذ ولا رجوع عنه”.
ولفت إلى أنه “تم تفكيك ثلاثة معسكرات فلسطينية في الشمال والجبل والجنوب”.
في غضون ذلك، بدأت انتخابات اتحادات البلديات أمس في المناطق بدءاً بالمتن الشمالي حيث فازت رئيسة بلدية بتغرين ميرنا المر على رئيسة بلدية بكفيا – المحيدثة نيكول الجميل في انتخابات رئاسة الاتحاد.
وقد فازت المرّ على الجميّل المدعومة من حزبي الكتائب و”القوات اللبنانية” والنائبين ابراهيم كنعان وإلياس بو صعب بنتيجة 22 صوتا مقابل 11.
واستمرت جلسات انتخاب رؤساء المجالس البلدية ونوابهم في قضاء البترون في مكتب قائمقام البترون، وعقدت جلسات انتخاب رؤساء بلديات الضنية ونوابهم، بعدما كانت هذه الجلسات قد بدأت يوم الجمعة الماضي، وذلك في مقر القائمقامية في بلدة سير بإشراف قائمقام قضاء المنية – الضنية جان الخولي.
وفي أول الأصداء الخارجية للاستحقاق الانتخابي البلدي في لبنان، نوّهت السفارة الفرنسية عبر حسابها على “إكس” بهذه الانتخابات، وكتبت: “الانتخابات البلديّة 2025: إن إرادة الحكومة تنظيم هذه الانتخابات المنتظرة منذ العام 2022، ومشاركة الناخبين تعبيراً عن التزامهم كمواطنين، تُعيدان لبنان إلى مسار الحياة الديموقراطية. إنّ حُسن سير عمليّة الاقتراع يكرّس مبدأ احترام الاستحقاقات الدستورية”.
أما على الصعيد الميداني، فأغار الطيران الإسرائيلي مرتين عصر أمس على السلسلة الشرقية في مرتفعات بلدة بريتال شرقي بعلبك. وكان أحد أبناء بلدة بيت ليف نجا بعد استهدافه وهو على متن دراجته النارية من مسيّرة إسرائيلية أطلقت في اتجاهه صاروخين، عند الثانية من بعد منتصف الليل. وأعلنت وزارة الصحة عن إصابة مواطنَين في العدوان الإسرائيلي ليلاً على بلدتي بيت ليف ومجدل زون.
إلى ذلك، حلّقت مسيّرة إسرائيلية على علو منخفض في أجواء بيروت والضاحية الجنوبية.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى