ثقافة وفن

معرض بيروت العربي الدولي للكتاب اختتم دورته الـ66 والنتاج: 60 ندوة وأكثر من 300 توقيع

وطنية- اختتم “معرض بيروت العربي الدولي للكتاب” فعاليات دورته الـ66 التي إستمرت من 15 حتى 25 أيار الحالي بسلسلة من الندوات والنشاطات الصباحية والمسائية الغنية والمتنوعة، إلى جانب حفلات تواقيع الكتب وزيارات طلاب الجامعات والمعاهد والمدارس.

وقد سجلت فعاليات المعرض على مدى أيامه الكاملة تنظيم نحو 60 ندوة بعناوين مختلفة ومتنوعة بين السياسة والثقافة والأدب والشعر والموسيقى وتذكر كبار الفكرين والأدباء، إضافة إلى تواقيع الكتب التي تجاوزت 300 توقيع وزيارات الطلاب الذين تجاوز عددهم الـ10 ألآف طلاب من أكثر من نحو 200مدرسة ومعهد وجامعة وجمعيات كشفية، ونحو  16 نشاطاً خاصاً بالأطفال والجناح الخاص بمعرض الصور الذي أضفى نكهة خاصة على المعرض، وزار المعرض أيضاً عشرات الألآف من المواطنين من مختلف الفئات والأعمار والمناطق.

ونظم “النادي العربي الثقافي” و”صالون 20″ لقاء “رسائل من فوق الماء” الى نزار قباني من خلال أمسية شعرية، أدارتها الآنسة ندين خوري.

وفي بادرة أدبية رمزية، أعلن الأديب طلال الغندور يوم 30 نيسان من كل عام “يوم نزار حيًّا”، معتبرًا هذا التاريخ “مناسبة للاحتفاء بالشاعر السوري الكبير نزار قباني، الذي تحوّلت قصائده إلى مرآة لكل شاعرٍ وهائمٍ ومحبّ للكلمة الحيّة”.

ووصف هذا اليوم بـ”عيد الحزن والجمال”، و”يوم رجلٍ نُحِت في ذاكرة حارة الشعراء”، حيث يُعاد إحياء صوت نزار المنادي بالحرية والجمال”، في ظل ما وصفه بـ”نوم الأمة وسط التحولات الفكرية والتقنية”.

وتكاملت هذه المبادرة الأدبية بنصّ شعري نثري كتبته الشاعرة رحاب كمال الحلو، فجاء بمثابة مرثاة وجدانية لزمن الشعر الإنساني، وصرخة ضد الذكاء الاصطناعي والواقع الرقمي المُعزّز.

واستحضرت الحلو في نصها نزار قباني “كرمز للشاعر الحي الذي يعلّمنا أن للقصيدة قلبًا، وللعاشق وطنًا من حروف”.

وقالت:”لو أني أعرف خاتمتي ما كنتُ بدأت… خلّصني من طوفان الآلة… إن كنتَ قويًّا أخرجني من هذا الواقع المعزز”.

وتناولت التناقض بين إنسانية الشاعر وحتمية الواقع الرقمي، فوقفت في حوار وجودي مع “الذكاء الاصطناعي”، الذي تراه “قوة جارفة قد تنزع عن الشعراء إحساسهم بالدهشة والضعف الإنساني الضروري للإبداع”.

كما نظّم “النادي  العربي الثقافي” ندوة تكريمية للشاعر الكبير شوقي أبي شقرا، أدارها الكاتب والناشر سليمان بختي وشارك فيها عدد من الكتاب والشعراء. إفتتحت الندوة بكلمة لبختي ركز فيها على طالرقة والعمق الشعري لدى أبي شقرا”، مشيرًا إلى أن “شعره كان مرهفًا كقطرة ندى، وذكر قصيدة شهيرة كانت بمثابة سر من أسرار ملك اللغة”.

ثم تحدث الدكتور امين البرت الريحاني ، ابن شقيق الأديب أمين الريحاني ، معبّرًا عن “العلاقة الفريدة بين شوقي والصورة الشعرية”، مشيرًا إلى “قدرة شوقي على العزف على مزمار الكلمة وصناعة عالم من الفانتازيا الشعرية والإيروتيكية التي تفجر طاقات الخيال اللا نهائية”. ووصفه بأنه “صاحب مفردات مشعة تحمل عبق أسرار نابعة من تراث العائلة”.

أما الدكتورة إلهام كلاب، فقد عبّرت عن الحزن والدهشة والفرح في إعادة قراءة شعر شوقي بعد رحيله، ووصفت تجربتها مع نصوصه كـ”رحلة في فضاء الحركة والكون من بئر السكون”. وأشادت بـ”جمالية حديقة السرية في شعره، التي كانت محاطة بسياج من قصب لين، ودعت التفاحة التي تمثل شعره إلى الانتصار وتحطيم القيود”، مؤكدة على أن “شوقي هو الشاعر الحالم الحر الذي يشعل في السماء نجومًا جديدة”.

بدوره، تحدث أسعد جوان عن “التوتر الإبداعي بين شوقي ونزار قباني”، حيث وصفهما “كصديقين وضدين في آن، تجمعهما حرب شعرية انتهت بمكانة مميزة لكل منهما”. وأشاد بدور شوقي في “كسر الأعراف الشعرية والثقافية”، واصفًا إياه بـ”جبران آخر غامض وانفجاري”.

ووصف الشاعر إسماعيل فقيه شوقي بأنه “شاعر فريد لا يشبه غيره، يمتلك قاموسًا خاصًا في شعره مميزًا عن العربية التقليدية”، وأكد على “إيمان شوقي بأن الشعر هو ملاذه في مواجهة صعوبات الحياة”، مشيدًا بلقب “ملك الشعر واللغة والثقافة”.

وتطرّق الدكتور فوزي يمين إلى لقائه الأول مع شوقي في بيروت، واصفًا إياه بأنه “كان غارقًا بين الكتب والورق، لكنه كان ينبوعًا من الكرم والشعر”، وعبّر عن تقديره الكبير لـ”تغيير شوقي للكتابة العربية بحيث لم يعد أحد يشبهه أو يسبقه”.

وسرد الشاعر جو قارح ذكرياته مع شوقي في غرفته، مشيرًا إلى أن “شعره كان بمثابة عرس ملون بالحياة والفرح”، ووصفه بأنه “العريس الذي دخل حياته وأشعل فيها طفولة لا تموت”، معبّرًا عن شوقي كـ”بطل داخلي لا يريد أن يكبر”.

وأكد رفعت طرييبة “صعوبة قراءة شعر شوقي، ولكنّ شعره يشبه الطفل الذي يبدأ خطواته الأولى، ولقد علم الكثيرين بما تركه من أثر لا ينسى”، وبدأ بعدها بقراءة مقاطع مختارة من شعر شوقي، منها:”نامي أنا أكتب، نامي أنا عصفور، نامي أنا صداف، نامي أنا زورق”.

ونظم “النادي العربي الثقافي” ندوة بعنوان “مؤسسات عامل الدولية وتجليات التغيير الاجتماعي”، استضاف خلالها الدكتور كامل مهنا للحديث عن دور “مؤسسة عامل” كحركة تغيير اجتماعي في ظل التطورات الراهنة، بحضور حشد من الشخصيات والمهتمين يتقدمهم الرئيس فؤاد السنيورة ورئيسة النادي الثقافي العربي السيدة سلوى السنيورة بعاصيري.

بعد كلمة ترحيبية من الناشر سليمان بختي، افتتح مهنا كلمته بالتأكيد على أ”همية الحراك الاجتماعي في تحقيق التغيير وبناء أسس ديمقراطية”، مشيرًا إلى “الدور المحوري الذي تلعبه المؤسسات الاجتماعية والإنسانية مثل مؤسسة عامل الدولية”.

وطرح مهنا تساؤلات مهمة: “هل تقع مهمة التغيير على عاتق المؤسسات الاجتماعية والإنسانية فقط، أم أن ذلك من اختصاص المؤسسات السياسية؟ وهل يمكن لمؤسسة كـ”عامل الدولية” أن تكون قوة فعلية في مسار التغيير الاجتماعي في لبنان؟” ثم استعرض مفاهيم أساسية للحركات الاجتماعية، مستعينًا بتعريف “موسوعة علم الاجتماع” التي ترى فيها “جهودًا منظمة تهدف إلى التغيير خارج القنوات السياسية التقليدية، وتنطلق مطالبها من المجال الاجتماعي”. كما أشار إلى “مشاركة هذه الحركات في محافل دولية مهمة مثل قمة الأرض ومؤتمر دافوس، مما يدل على تأثيرها القوي خارج الأطر الرسمية”.

وتطرق مهنا إلى دور مؤسسة عامل على المستوى العربي، مؤكدًا “انفتاحها على الجمعيات العربية وسعيها لإنشاء فضاءات مشتركة، مثل المنتدى الاجتماعي العربي لمناهضة العولمة وتعزيز الديمقراطية، والتزام المؤسسة بقضايا الشعوب المقهورة، وعلى رأسها القضية الفلسطينية، مع الحفاظ على هويتها كحركة اجتماعية تغييرية وليس كحزب سياسي”.

كما تحدث عن “الأزمة التي تمر بها الأحزاب الوطنية والتقدمية في العالم العربي، عقب سلسلة نكبات وهزائم متتالية مثل النكبة، نكسة 1967، الحرب الأهلية اللبنانية، خروج الفلسطينيين من لبنان، وتفكك الاتحاد السوفييتي، والتي أفسحت المجال لهيمنة النظام العالمي الجديد. ورغم هذه التحديات، استطاعت مؤسسة عامل أن تستمر وتناضل، متجاوزة نشأتها اللبنانية لتصبح حركة دولية”.

وأكد مهنا على “دور الشباب والنساء في عملية التغيير”، مشيرًا إلى أن “85% من كوادر المؤسسة من الشابات اللواتي يقمن بأدوار ميدانية ومجتمعية حقيقية، خاصة في أوقات العدوان والنزوح”.

وانتقد مهنا بعض المنظمات غير الحكومية “التي تسيّس عملها وتتأثر بأجندات الممولين، ما يقلل من قدرتها على إحداث تغيير حقيقي”، مؤكدا أن “مؤسسة عامل لا تسعى لمزاحمة الأحزاب الوطنية، ولا تدعي كونها بديلاً عنها، بل تحافظ على استقلاليتها وانفتاحها وتستمر بتجديد كوادرها الشبابية”.

وأشار إلى أن “عمل الجمعيات يمتد عبر فترات الحرب والسلم ليشكّل مسارًا تنمويًا طويل الأمد مرتبطًا بمستقبل المجتمع. فالنضال من أجل قضايا مثل تحرير المرأة، حماية البيئة، حقوق الإنسان، والكرامة يتقاطع مع العمل السياسي أحيانًا ويتطلب حشد الناس وتوعيتهم. وقد شهدنا وصول حركات اجتماعية إلى مراكز القرار، كما هو الحال مع حزب الخضر في ألمانيا، ونضال النساء حول العالم من أجل المساواة”.

وشدد مهنا على أن “الحركات الاجتماعية تحدث تغييرًا فعليًا عندما تتحول إلى احتجاج على الواقع وتسعى لإصلاحه. وهنا، تلعب مؤسسة عامل دورًا رياديًا، إذ لا تكتفي بالإغاثة بل تركز على التنمية المستدامة في مختلف المناطق اللبنانية، دون تمييز طائفي أو مناطقي، ما أكسبها ثقة المجتمع”.

وختم مهنا بالتأكيد على أن “مؤسسة عامل تسعى لبناء دولة قائمة على مجتمع قوي، لا العكس. فهي تعتمد على الناس وليس على الزعامات التقليدية”، معتبراً أن “الجمعيات مثل “عامل” هي من تهيئ الأرضية لبناء وطن حقيقي ينبع من الإنسان وإليه، بعيدًا عن الفئوية والتمييز”. واستحضر مقولة مونتسكيو التي تلخص فلسفة المؤسسة: “أنا كاثوليكي بالولادة، فرنسي بالصدفة، لكنني إنسان بالضرورة”، ليكون هذا شعارًا يؤكد أن الإنسان هو الأولوية دائمًا وأبدًا”.

ونظّم “النادي العربي الثقافي” بالتعاون مع “دار نلسن للنشر” ندوة ثقافية، بمناسبة مرور مئة عام على صدور كتاب “ملوك العرب” للمفكر والأديب اللبناني أمين الريحاني، أحد أبرز رواد النهضة الفكرية العربية في القرن العشرين، بحضور الرئيس فؤاد السنيورة وعدد من الشخصيات الثقافية والسياسية.

افتُتحت الندوة بكلمة للكاتب سليمان بختي، الذي تساءل: “ما الغاية التي قصدها أمين الريحاني من وضع هذا الكتاب؟”، مشيرًا إلى أن “الريحاني رأى قبل قرن من الزمن أن لا سبيل أمام العرب إلا التفاهم والتقارب من أجل التقدّم وتحقيق المصالح المشتركة”.

من جهته، البيرت أمين الريحاني، نجل الأديب، أشار إلى أن “كتاب محطات في ملوك العرب، ليس فقط توثيقًا لرحلة الريحاني عام 1922، بل هو مشروع عربي فكري موثق، مضى عليه مئة عام وما زال حيًّا”.

ولفت إلى أن “المحطة الأولى كانت من خلال اللقاء الأول بين الريحاني والملك عبد العزيز آل سعود، والذي ترك أثرًا بالغًا فيه”، وقال له الملك: “لك الحرية في أن تتحدث إليّ كما تشاء، وأنا كذلك، ولا أقبل غير ذلك”. وكأن الملك كان قد قرأ مقالات الريحاني عن الحرية، ومنها: “متى توجهين وجهك نحو الشرق أيتها الحرية”، و”إلى رفيقتي في السفر: الحرية”.

وأكد أن “المحطة الثانية كانت عبر رحلته السياسية الكبرى، وكيف أثبت أنه موّلها بنفسه، عبر التصرف ببعض سنداته المصرفية، ما يثبت استقلال مشروعه الفكري عن أي جهة سياسية”.

وتابع: “كانت المحطة الثالثة من خلال دور الريحاني في قضية النفط العربي، حيث دافع عن منح الامتياز لشركات أميركية بدل البريطانية، لا حبًا بالولايات المتحدة، بل لأن الشركات الأميركية – في رأيه – كانت بعيدة عن الضغوط السياسية، خلافًا للبريطانية”.

ومن جهتها وصفت الهام كلاب البساط الريحاني بأنه كان “مشاءً، يقظًا، شغوفًا، يجتاز الحدود طلبًا للمعرفة”. وقالت: “كان يردد دائمًا: خذ عكازك، سر رويدًا، وادر ظهرك إلى المرشدي…”. واعتبرت أن “الريحاني كان رحّالةً، رسامًا، ومفكرًا، جمع بين الأدب والسياسة والرحلة، كتب كثيرًا، وكتب عنه كثيرون، وتُرجمت أعماله لعشرات اللغات، وهو أول رحالة عربي في بدايات القرن العشرين”.

وأضافت: “الريحاني لم يغفل في أغلب كتبه عن تناول أوضاع النساء في مختلف المجتمعات، فكان سبّاقًا في طرح أسئلة عن المساواة والحرية في مجتمعات شرقية وغربية”.

بدوره تحدّث مكرم غصوب عن الدوافع التي جعلت الريحاني يبدأ رحلته، مشيرًا إلى أن “الانتماء، الارتقاء الروحي، والحلم كانت محركاته”. وقال: “لم يمنعه الحرم من اكتشاف طبيعة بلاده، ولا من تأمل الفريكة، ولا من مخالطة الكافر المؤمن بأن وردة الحياة يجب أن تفتح قلبها للنور”.

وبدوره نظم “منتدى شاعر الكورة الخضراء” ندوة بعنوان”مساكب الغزل في شعر عبدالله شحادة” شارك فيها كل من الدكتور جورج الحج ، د.زينة زغيب، د.روزيت يوطيخبريان .

افتُتحت الندوة بكلمة يوطيخباريان، التي تحدّثت من منطلق شخصي وأكاديمي عن علاقتها بالدكتور الحاج، ووصفت عمله النقدي بأنه “دراسة متقنة تغوص في أعماق شعر عبدالله شحادة، وتقدّم قراءة موضوعية وتحليلية للغزل في قصائده، من خلال مقاربة تجمع بين اللغة، الشعور، والانتماء المكاني”، كما أشارت إلى “المنهجية التي اتّبعها الحاج في تحليل النصوص الشعرية، مركّزة على دقّة اختياره للنصوص الغزلية، وقراءته التحليلية التي أبرزت غنى التجربة الشعرية عند شحادة، خصوصًا في ديوانه “بثينة وجميل” وغيرها من مجموعاته، حيث يتجلّى الغزل كرؤية وجدانية تتجاوز الجسد إلى الروح والرمز”.

اما زغيب،  فناقشت الجوانب الرمزية والجمالية في شعر شحادة، مركزة على “علاقة الشاعر بالطبيعة والمكان والمرأة”.

وقدّمت السيدة مريي، ابنة الشاعر عبدالله شحادة، شهادة مؤثرة عن والدها الشاعر، معبّرة عن “امتنانها لهذا العمل النقدي الذي أنصفه وأعاد تسليط الضوء على تجربته الغنية”.

واختُتم اللقاء بتوقيع الدكتور جورج زكي الحاج للكتاب، الذي اعتبرته معظم المداخلات “مرجعًا نقديًا مهمًا، لا يضيء فقط على تجربة عبدالله شحادة، بل يقدّم نموذجًا يحتذى في الدراسة الشعرية المنهجية المعاصرة”.

كما نظم “دار سائر المشرق” ندوة ناقشت كتاب “سوريا من فيدرالية العهد الفيصلي إلى الفيدرالية التوافقية”، شارك فيها كل من عبد السلام أحمد، روجيه أصفر و أدار الندوة سليم زخور.

ناقشت الندوة مستقبل النظام السياسي في سوريا، مع التركيز على فرص وإمكانات تطبيق الفيدرالية كحل لإدارة التنوع العرقي والطائفي والمناطقي من خلال رؤية سياسية ودستورية جديدة تراعي التعددية وتؤسس لنظام تشاركي عادل بين مكونات المجتمع السوري.

زخّور قدّم مقاربة فلسفية للنظام السياسي السوري، انطلاقًا من فكرتين أساسيتين: “إدارة التعددية، وضمان حكم الأغلبية دون تهميش باقي المكونات”. وخلص، بعد دراسة مقارنة لعدة نماذج سياسية، إلى أن “الفيدرالية التوافقية هي الخيار الأمثل لسوريا”. وأشار إلى أن “الفكرة الفيدرالية ليست جديدة في التاريخ السوري، مستشهدًا برسائل الأمير فيصل عام 1919، التي عكست إدراكًا مبكرًا للحاجة إلى إدارة لامركزية تراعي خصوصية كل منطقة”. وأكد أن “الفيدرالية المقترحة يجب أن تكون توافقية، لا تقوم على فرض إرادة الأغلبية، مع السماح بحرية تشكيل الولايات بما يتناسب مع خيارات السكان، سواء على أساس جغرافي أو اجتماعي”.

من جهته، رأى عبد السلام أحمد أن “السياق السوري الحالي تحكمه صراعات إقليمية ودولية معقدة. وأشار إلى أن الجماعات الجهادية المسلحة، مثل هيئة تحرير الشام، تم توظيفها ضمن استراتيجية دولية لطرد النفوذ الإيراني من سوريا”. واعتبر أن “هذه القوى لا تملك مشروعًا حقيقيًا لبناء دولة تشاركية، بل تسعى لإقامة نظام عقائدي أحادي، يتم فيه إقصاء المكونات غير السنية”.

أما روجيه أصفر، فقد عبّر عن تفاؤل حذر بعد سقوط النظام السابق، مؤكدًا أن “سوريا الحالية خارجة من قمع طويل، وتعاني من دمار اقتصادي واجتماعي وبيئي عميق. وشدد على أن السلطة الجديدة، رغم الدعم الإقليمي والدولي السريع الذي تلقته، غير قادرة بعد على إدارة التنوع السوري الشديد. ولفت إلى أن الإعلان الدستوري وتشكيل الحكومة لم يكونا مشجعَين، بل تضمّنا ثغرات كبيرة تهدد مبدأ المواطنة المتساوية. وأكد أن دستورًا يحصر منصب الرئاسة بطائفة معينة ويتبنى فقهًا دينيًا محددًا كمصدر وحيد للتشريع، لا يمكن أن يكون أساسًا لبناء دولة مدنية شاملة”

ونظم “دار رياض الريس” و”دار النهار” ندوة بعنوان:” جنوب لبنان والحرب الأخيرة” شارك فيها كل من الصحافي محمد بركات،د.هادي مراد ود.علي خليفة، وأدارها الدكتور زياد شبيب.تمحورت الندوة حول مستقبل لبنان في ظل الأزمات المتواصلة، وذلك من خلال قراءة نقدية لثلاثة مؤلفات بحثية تناولت الشأن الشيعي في لبنان.

واستهلّ مراد مداخلته بتأكيد أن “الفقهاء ليسوا حكّاماً، بل هم مفتون يُرجع إليهم في الأحكام، لا في شؤون الدولة”، مستنداً بذلك إلى مواقف مرجعيات شيعية لبنانية بارزة مثل السيد محسن الحكيم والسيد محمد مهدي شمس الدين، “الذين فرّقوا بين الوظيفة الدينية والسلطة الزمنية، ودعوا إلى دولة مدنية لا ولاية فيها للفقيه”. واعتبر مراد أن “التشيّع العربي الأصيل، كما عرفه جبل عامل والكوفة، تمرد أخلاقي على السلطان الجائر، لا ولاء للغيب، بل ولاء للحق والعقل”. وختم مراد بالإعلان الصريح عن هويته الفكرية: “أنا شيعي لبناني عربي، وأرفض أن يكون ديني بوابة للاستعباد أو أن تُستخدم طائفتي ذراعاً لمشروع لا يشبهني”.

أما بركات، فقدّم مداخلة وجدانية وشعرية الطابع، مستحضراً رمزية العصفور في قصيدة الراحل محمد علي شمس الدين ليعبّر عن “واقع الإنسان الشيعي الذي يُستهدف من قِبل أنظمة القمع السياسي والطائفي. وتناول بركات العلاقة الإشكالية بين أبناء الطائفة الشيعية في لبنان والمنطقة، والعالم الغربي الذي يحاولون التفاعل معه رغم تناقض الشعارات السياسية التي ترفَع ضدّه”. وأشار إلى “مفارقة الشابة رشا علوية، التي طُردت من أميركا رغم كونها طبيبة واعدة، والتي لم تفكر في الهجرة إلى “بلاد الحوزات” بل إلى “الشيطان الأكبر” كما يصفه خطاب بعض القوى الشيعية”.

من جهته، قدّم خليفة رؤية سياسية واضحة المعالم، عبر ما أسماه “رؤية 25-30″، وهي “مبادرة تهدف إلى إصلاح المشاركة الشيعية في الحياة العامة، عبر مشروع سياسي ينطلق من داخل الطائفة الشيعية في وجه الثنائية السياسية المسيطرة”. واعتبر أن “دولة حزب الله” سلبت الشيعة اللبنانيين تاريخهم ومجتمعهم، وأقامت أنظمة رديفة على جثة الدولة اللبنانية، مما حوّل لبنان إلى مجتمع بلا دولة. ودعا إلى استعادة الدولة من خلال الالتزام بوثيقة الوفاق الوطني (الطائف) وتطبيق الدستور بكافة بنوده. واعتبر خليفة أن رؤية “25-30″ تمثل امتداداً لوصايا السيد محمد مهدي شمس الدين، وتعبيراً عن طموح الشيعة اللبنانيين في الاندماج الكامل في قضايا مجتمعهم، لا في مشاريع خارجية”.

ونظّمت جمعية T.E.A.CH. ندوة بعنوان “العلاج السلوكي المعرفي لتعزيز المرونة النفسية لدى الشباب”، قدّمها الدكتور زياد أبي راشد، بحضور مجموعة من المهتمين بالشأن النفسي والتربوي، وذلك ضمن سعي الجمعية إلى مواكبة التحديات التي تواجه الأجيال الشابة اليوم.

افتتح أبي راشد الندوة بكلمة أوضح فيها سبب اختياره لهذا الموضوع، معتبرًا أن “تعزيز المرونة الفكرية والنفسية لدى الشباب أصبح ضرورة ملحّة في ظل الضغوطات المعاصرة”.

وشدّد على “أهمية دور الراشدين والمربين في توجيه الأجيال”، قائلاً: “دوري هو أن أساعد الناس على استخدام التكنولوجيا بشكل يخدم نموهم الشخصي لا أن يدمّرهم.”

ورأى أن “المراهقين اليوم يواجهون أزمة في الهوية والتواصل، نتيجة التباعد مع الأهل وفقدان الحوار داخل العائلة، ما يدفعهم أحيانًا إلى التمرد أو الانعزال. وأضاف:”نحن لا نعيش ما يسمّى بأزمة المراهقة، بل مرحلة من إعادة بناء الهوية. عندما يبدأ المراهق باكتساب معرفة خارج إطار العائلة، ويعود ليعبّر عن رأيه، يواجه أحيانًا بالرفض أو عدم الفهم، وهنا تبدأ المشكلة.”

وأوضح أن “العلاج السلوكي المعرفي (CBT)، الذي انطلق من مختبرات علمية، يمكن أن يكون أداة فعالة لدعم الشباب”. وقال:”العلاج السلوكي المعرفي يعمل على الرابط بين الفكر، والمشاعر، والسلوك. إذا اعتقدت أنني فاشل، سأشعر بالحزن، وسأتصرف بطريقة تؤكد هذا الفشل. أما إذا عكست هذه الفكرة، وفهمت أنني أواجه تحديات فقط، فسأتمكن من الاستمرار.”وشهدت الندوة نشاطًا تفاعليًا ساعد الحاضرين على تحديد مستوى المرونة النفسية لديهم، ما أضفى طابعًا عمليًا وتجريبيًا على اللقاء، وأكد أهمية التطبيق في الفهم”.

ونظّمت “دار ميم” نشاطًا مميزًا للأطفال تضمن رواية قصة من تأليف الكاتب محمد نصر الدين، تحت عنوان: “حكايتنا اليوم”.لمناسبة عيد المقاومة والتحرير، حملت القصة طابعًا جنوبيًا، حيث اصطحبنا الكاتب في حكاية مستوحاة من شجر الزيتون، الشاهد الصامت على تاريخ الجنوب، وعلى صمود أهله. شجرٌ تخطّى عمره المئة عام، يحمل في أغصانه حكايات الأرض، والناس الحقيقيين الذين زرعوها وحموها، والذين صنعوا صرخات لبنان الحقيقية من جذوره.

في ظل الأوضاع الراهنة، أكّد الكاتب خلال النشاط أن “هذا النوع من الحكايات يساهم في تقريب الأطفال من الجنوب وأهله، وتعزيز علاقتهم بالهوية والانتماء، وخاصة في مثل هذه المناسبات التي تذكّرنا بأهمية التمسك بالأرض والكرامة”.

وشهد اليوم الأخير من فعاليات المعرض، حفلات تواقيع لعدد من الكتب، حيث وقع الكاتب هادي مراد كتابه “انا الشيعي العربي” في جناح دار النهار ، ووقع الكاتب محمد بركات كتابه” الشيعة والحرب ملاحظات قبل الهزيمة وبعدها ” في جناح رياض الريس للكتب والنشر ، ووقع الكاتب حسين نعيم كتابه ” انسان وثلاثون خريفاً” في جناح دار ناريمان للنشر، ووقعت جمعية اسود ثقافية كتاب “عبدالله شحادة  في عيون اسود ” في جناح منتدى شاعر الكورة الخضراء عبدالله شحادة  الثقافي، ووقع الكاتب مصطفى غنوك كتابه “بيكفي اوعى تكفي ” في جناح منتدى شاعر الكورة الخضراء عبدالله شحادة الثقافي، ووقع الدكتور جورج زكي الحاج   كتابه “مساكب الغزل في شعر عبدالله شحادة “في جناح منتدى شاعر الكورة الخضراء عبدالله شحادة  الثقافي ، ووقعت الكاتبة خلود الوتار قاسم  كتابها “رحلة عمر ” في دار النهضة العربية ، ووقع الدكتور ايلي يوسف ابو شقرا  كتابه “العلاج النفسي الدينامي ” في دار النهضة العربية ، ووقعت الكاتبة زهراء فنيش كتابها ” يد الله تحيطني ويد مريم ” في دار الولاء ، ووقعت الكاتبة زهراء السيد كتابها “حكايا الله ” في دار الولاء، ووقع الدكتور سليم زخور كتابه “سوريا من فدرالية العهد الفيصلي الى الفيدرالية التوافقية ” في دار سائر المشرق، ووقع الشيخ عباس حايك كتابه “محنة عمامة ” في جناح دار سائر المشرق، ووقع الكاتب علي سبيتي كتابه “رسول الشاه وشيعة السفارة “” في جناح دار سائر المشرق، ووقع الكاتب مجاهد أحمد المزوق كتابه “سباق التسلح التكنولوجي وإنعكاسه على الأمن والسلم الدوليين” في جناح دار نلسن، ووقع الكاتب عمر زيداني كتابه “سلال الفي” في جناح دار البيان، ووقع الكاتب خليل حمادة روايته” فرقد وقرينه الملحد” في جناح دار البيان، ووقعت الكاتبة لين يوسف زين الدين كتابها ” النجمة المخملية” في جناح دار البيان، ووقع الكاتب الدكتور علي خليفة كتابه “سقوط دولة حزب الله” في جناح دار ألف ياء،  ووقع الكاتب عبد الغني طليس كتابه”زين العابرين” في جناح دار زمكان، ووقع الكاتب أحمد محمد همداني كتابه” الثورة والجهادية بين الأنشودة واللطمية” في جناح دار الولاء، ووقع الكاتب بلال علامة كتابه” ركان الجمهورية/ حلم الوطن” في جناح اتحاد الكتاب اللبنانيين، ووقعت الكاتبة سعاد مارون كتابها “جريمة موثقة” في جناح دار البيان، ووقع الشيخ الدكتور علي جابر كتابه ” تاريخ الفقه الإسلامي” في جناح دار البيان،  ووقع الكاتب ميلاد السبعلي كتابه” قيادة النهضة في زمن الذكاء الإصطناعي” في جناح مؤسسة سعادة للثقافة.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى