طبخة اتفاق في غزة على نار حامية لمرحلتين مع ضمانات أميركية بإنهاء الحرب
كتبت صحيفة “البناء” تقول:
أعادت انتخابات بلدية بيروت تذكير الرؤوس الحامية التي تهتف منذ شهور بشعار «ما بتشبهونا»، بحتمية الاحتكام للوقائع والإقلاع عن تفسير أحلام النوم في اليقظة، حيث جاءت لائحة بيروت بتجمعنا التي تشير التقديرات إلى فوز كاسح سوف تحصده غداً، لتقول إن الادعاء بتراجع البيئة الحاضنة للمقاومة وضعف تمثيل المقاومة شعبياً وسياسياً، هو كلام للاستهلاك، وعند ساعة القرار الجدّي لا بديل عن مدّ اليد لقوى المقاومة ممثلة بثنائي حركة أمل وحزب الله، سواء لضمان تمثيل متوازن طائفياً، أو لضمان قاعدة انتخابية صلبة تضمن بها اللائحة الموحّدة فرصة الفوز.
بينما يتشكل لبنانياً مشهد الواقع في انتخابات بلدية بيروت، يتشكل الوهم في كلام نائبة المبعوث الأميركي مورغان أورتاغوس الآتية إلى بيروت والتي يتردد صداها على ألسنة بعض اللبنانيين، الذين سوف يتلقى بعضهم دساً في السياسة في انتخابات بلدية بيروت، عبر الدعوات لإلقاء المقاومة سلاحها، وتنضم قناة الحدث العربية كالعادة في لعبة الشائعات ونقل كلام منسوب لمصدر مقرّب من حزب الله يبشر بقرب تسليم سلاح المقاومة مقابل مكاسب سياسية، بصورة لا تثير إلا السخرية.
في اسطنبول انتهت جولة التفاوض الروسية الأوكرانية بالإعلان عن الاتفاق على تبادل 2000 أسير، بواقع 1000 لكل طرف، لكن دون التقدّم نحو اتفاق لوقف إطلاق النار، وسط تأكيدات روسية بأن الظروف لم تنضج بعد لمفاوضات إنهاء الحرب، مع عدم تقبل القيادة الأوكرانية لحقيقة أن ما تغيّر في الميدان لا يمكن إنكاره على طاولة التفاوض.
في اسطنبول أيضاً التقت وفود إيرانية وأوروبية للتداول في نتائج المفاوضات الأميركية الإيرانية، التي عكست تعقيداتها التصريحات المتبادلة بين الجانبين الأميركي والإيراني، وخصوصاً كلام وزير الخارجية الأميركية مارك روبيو ووزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي، حيث ظهرت قضيّة تخصيب اليورانيوم كعقدة محوريّة ترفض طهران اعتبارها، من حيث المبدأ ملفاً تفاوضياً، بينما لا تزال واشنطن تحاول التشديد تجاهها، وفي مناخ التصعيد المتبادل حرص على عدم الحديث عن فشل المفاوضات.
في الدوحة تستمر المفاوضات حول اتفاق ينهي الحرب في غزة، حيث يجري الحديث عن طبخة وضعت على نار حامية لصفقة تضم مرحلتين، يجري خلال المرحلة الأولى تبادل خمسة أسرى إسرائيليين مقابل عدد متفق عليه من الأسرى الفلسطينيين خلال 45 يوماً تدخل خلالها المساعدات ويثبت خلالها وقف إطلاق النار ليبدأ التفاوض بضمانة أميركية بأن ينتهي إلى وقف الحرب بصورة نهائيّة، على أن يتضمّن الاتفاق النهائيّ حكومة تحت رعاية مصر وشرطة تحت العباءة المصرية، وانتقال مقاتلي حماس وقوى المقاومة وقادتها وأسلحتها إلى جنوب قطاع غزة، تحت إشراف مصريّ وضمانات بعدم استهداف «إسرائيل» مقابل ضمانات بعدم تعرض القادة للاغتيال، وتقول مصادر متابعة للتفاوض إن الصواريخ اليمنية تلعب دوراً محفزاً للجانب الإسرائيلي للتوصل إلى اتفاق في ظل تحويل هذه الصواريخ للحياة في وسط الكيان إلى جحيم لا يطاق، وحيث قالت التجربة الأميركية إن لا جدوى من الخيار العسكري للتخلص من هذه الصواريخ.
وفيما بقيت المنطقة تحت تأثير زيارة الرئيس الأميركي إلى الخليج والمواقف والقرارات التي تخللتها، لا سيما رفع العقوبات عن سورية، انشغلت الأوساط السياسية في لبنان بتحليل أبعاد الحدث الأميركي – الخليجي – السوري وتداعياته على المشهد الداخلي في ضوء تعزيز الولايات المتحدة الأميركية مكانة السعودية ودورها في سورية ولبنان، مقابل ما ناله ترامب من تريليونات من الدولارات لاستخدامها في معالجة الأزمات المالية والاقتصادية في الولايات المتحدة، وسط معلومات تشير الى أن الدور السعودي سيعود بقوة أكبر إلى لبنان من البوابة السورية. ووفق ما تشير مصادر سياسية لـ»البناء» إلى دور سياسي بارز ستلعبه سورية في لبنان عندما تستعيد نهوضها، لكون دمشق أصبحت أولوية خارجية على الصعيد السياسي والاقتصادي والأمني وسيتعزّز موقعها في الخارج بعد موافقة النظام الجديد على الشروط الأميركية الدولية وأبرزها الانضمام الى الاتفاقات الإبراهيمية مع «إسرائيل» مقابل رفع العقوبات، فيما تراجع الاهتمام الدولي والأميركي تحديداً في لبنان، وبالتالي فإن لبنان سيتأثر بما يجري في سورية على الصعد كافة.
وفي سياق ذلك، لفتت معلومات «البناء» إلى أن المبعوثة الأميركيّة مورغن أورتاغوس تستعد لزيارة لبنان بعد الانتخابات البلدية في بيروت، لكنها ستعود إلى بيروت لاستكمال المباحثات مع المسؤولين اللبنانيين حول ما أنجزته الحكومة في ملف الإصلاحات وحصرية السلاح بيد الدولة وملف السلاح في المخيمات الفلسطينية، وستنقل إلى الحكومة اللبنانية رسالة من الإدارة الأميركية في ضوء القمم التي عقدها الرئيس الأميركي مع القادة الخليجيين والرئيس السوري الانتقالي أحمد الشرع، وضرورة تكيّف لبنان مع التحولات الكبيرة التي تحصل في المنطقة وحجز مكانته في الإقليم الجديد على صعيد التنمية والاقتصاد. ووفق المعلومات فإن المبعوثة الأميركية ستعيد إحياء طرح اللجان الثلاثية للتفاوض على ترسيم الحدود البرية بين لبنان و»إسرائيل».
غير أن مصادر أخرى تشير لـ»البناء» الى أن مواقف أورتاغوس وأداءها أثارا استياء مرجعيّات سياسيّة لبنانيّة عدة، لا سيما بعد تهجّمها على النائب السابق وليد جنبلاط وجهلها في التركيبة والخصوصية الداخلية اللبنانية، وهذا الاستياء وصل إلى واشنطن مع مطالب بتقويم أداء المبعوثة الأميركية ومواقفها أو استبدالها.
واللافت وفق المصادر هو أنّه في اليوم الذي أعلن فيه ترامب رفع العقوبات عن سورية صعّدت الولايات المتحدة المواجهة مع حزب الله وفرضت حزمة جديدة وواسعة من العقوبات على شخصيّات تقول إنها تدعم الحزب مالياً، ما يعني وفق المصادر أن واشنطن تعتقد أن سلاح العقوبات المالية نجح في دفع سورية إلى تلبية الشروط الأميركية – الإسرائيلية، وبالتالي آن الأوان لتفعيل استخدام هذا السلاح ضد حزب الله ولبنان لفرض الشروط الأميركية – الإسرائيلية وفي مقدّمها نزع السلاح والتوطين والتطبيع.
وأشار رئيس مجلس النواب نبيه بري الى أن «سورية ماشية في الاتّفاقات الإبراهيمية والتطبيع، في معرض تعليقه على اجتماعات الرياض والقمّة الأميركية ـ السعوديّة وانضمام الرئيس السوري أحمد الشرع إليها وحصوله على «درع التثبيت».
ورداً على سؤال حول سبل وقف الاعتداءات الإسرائيلية اليومية على الجنوب، والمدى الذي يمكن أن تصل إليه، أوضح برّي: «لا تسألوا عن «إسرائيل». إسألوا الأميركيين. هم لا «إسرائيل» مَن وقّعنا معهم اتّفاق وقف النار، ويفترض بهم أن يفرضوا تطبيقه على «إسرائيل». الأميركيون هم أوّل المعنيين بوقف النار إذا كانوا بالفعل يريدونه».
من جهته، قال المستشار السياسي لأمين عام حزب الله السيد حسين الموسوي: «وسط التصفيق لخطاب الرئيس الأميركي دونالد ترامب باستلام آلاف المليارات، كانت «إسرائيل» تقصف المستشفى الأوروبي بتسع قنابل صاروخية أميركية خارقة للتحصينات فتكت بالعشرات من المرضى والنازحين والناس، ثم عادت وقصفت من هرول لإنقاذ مَن دُفن تحت الأنقاض والرمال».
وأضاف: «بعض العرب لم يكتفوا بخذلان أهل غزة والخَرَس على إبادتهم وحرقهم وتجويعهم حد الموت، بل قاموا بتمويل المحرقة بالكامل وبالأرقام المذهلة!».
وتابع: «لكم العار، والويل لكم من غضب العرب الأحرار، ويا لهول غضب الجبار، وعذاب النار، يا بعض العرب تتذلّلون لترامب طلبًا للنجاة والعزة!!! وأنتم تعلمون أن مَن اعتزّ بغير الله ذلّ وضلّ وتتركون إخوانكم في غزةَ يُذبحون، ساء ما تحكمون».
إلى ذلك، وصل رئيس مجلس الوزراء نواف سلام، إلى العراق على رأس وفد يضم وزير الخارجية يوسف رجّي ووزير الاقتصاد عامر البساط لتمثيل لبنان في القمة العربية الرابعة والثلاثين والتي ستُعقد في العاصمة بغداد.
وأوضح نائب رئيس الحكومة العراقيّة وزير الخارجية فؤاد حسين خلال استقبال سلام والوفد المرافق، أن «انعقاد القمّة في بغداد يأتي في ظل ظروف إقليمية ودولية استثنائيّة، ما يستدعي تعزيز التشاور العربي وتوحيد الجهود لمواجهة التحديات وتحقيق الأمن والاستقرار والتنمية المستدامة في المنطقة».
من جانبه، عبّر سلام عن شكره وامتنانه لحكومة العراق وشعبه على حفاوة الاستقبال والجهود الكبيرة المبذولة لتنظيم القمة، مشيداً بدور بغداد التاريخي في لمّ الشمل العربي وبناء جسور التعاون بين الأشقاء، ومؤكداً أهمية تعزيز التنسيق العربي لمواجهة القضايا الراهنة والتحديات المشتركة.
وكان رئيس الحكومة شدّد قبيل سفره في تصريح أن ممثلي «حزب الله» في البرلمان قد وافقوا على البيان الوزاري الذي نالت على أساسها الحكومة الثقة، وهذا البيان ينص بشكل صريح على حصر السلاح بيد الدولة، وبسط سلطتها على كامل أراضيها، وفقاً لما جاء في «اتفاق الطائف»، وهي تعمل لتحقيق هذا الهدف. وما يقوم به الجيش اللبناني، إنْ في انتشاره جنوباً وتفكيكه البنى العسكرية أو ضبطه للحدود مع سورية ومنعه التهريب بكل أشكاله عبرها، وتشديده الإجراءات الأمنية في المطار، دليل على ذلك. وجزم سلام بأن «لا عودة إلى الوراء في مشروع تكريس حصرية السلاح في يد الدولة اللبنانية وحدها، وبأن تكون صاحبة الكلمة الفصل في قرارَيْ الحرب والسلم، معنية وحدها بالدفاع عن أرضها وأبنائها – جميع أبنائها – بكل الوسائل التي تتيحها القوانين والأعراف الدولية». وشدد على أن الدولة اللبنانية بأكملها «تسعى للانسحاب الإسرائيلي من كامل أراضيها، ومنع التعديات بكل أشكالها»، كما تعمل الحكومة على الحشد المطلوب لإطلاق ورشة إعادة الإعمار.
على صعيد آخر، وقع إشكال كبير بين أهالي بلدة الجميجمة قضاء بنت جبيل، ودورية من اليونيفيل، وتدخل الجيش اللبناني على الأثر لفضّه.
واعتبر المتحدث باسم اليونيفيل أندريا تيننتي أن «استهداف حفظة السلام التابعين للأمم المتحدة أثناء تنفيذهم لمهامهم الموكلة من مجلس الأمن أمر غير مقبول. وتدعو اليونيفيل السلطات اللبنانية إلى ضمان قدرة قواتها على تنفيذ مهامها دون تهديد أو عرقلة. كما تؤكد اليونيفيل مجددًا أن حرية حركة قواتها تُعد عنصرًا أساسيًا في تنفيذ ولايتها، التي تتطلب منها العمل باستقلالية وحيادية تامة. وتجدد اليونيفيل دعوتها لجميع الأطراف إلى الامتناع عن أي أعمال من شأنها تعريض حياة حفظة السلام للخطر، وتؤكد على ضرورة احترام حرمة أفراد ومقارّ الأمم المتحدة في جميع الأوقات».
وعلمت «البناء» أن مخابرات الجيش تحقق في الحادثة بعد تمكن وحدات الجيش من فضّ الخلاف والسيطرة عليه، وإبعاده الأهالي عن دورية اليونفيل وإجراء اتصالات بقيادة اليونفيل لاحتواء الحادثة وتفعيل التنسيق مع الجيش أثناء التنقل. لفتت مصادر قانونية لـ»البناء» الى أن «القرار 1701 ينص على أن مساعدة قوات اليونفيل الجيش اللبناني والسلطة اللبنانية على بسط سيطرتها على منطقة جنوب الليطاني وبالتالي لا يُعطيها الحق بحريّة التنقل ولا تنفيذ مهمات من دون التنسيق مع الجيش اللبناني، وبالتالي قواعد الاشتباك وصلاحياتها لم تتغيّر بعد الحرب الأخيرة. وتساءلت أوساط في فريق المقاومة هل الهدف من خلق هذه الإشكالات للضغط على حزب الله وبيئته وتكرار هذه الأحداث لإعادة فتح ملف صلاحيات اليونفيل لتوسيعها وفرض قواعد اشتباك جديدة مستغلة خروج حزب الله وسلاحه من جنوب الليطانيّ، وذلك قبيل شهرين ونصف من موعد التجديد للقوات الدولية في آب المقبل؟».
وكشفت جهات معنية غير محلية ومطلعة على تحرّكات اليونفيل لـ»البناء» أن قيادة الكتيبة الفرنسية في عداد قوات اليونفيل تتحرّك وتنفذ مهمات معينة بشكل منفرد ومن دون العودة إلى قيادة القوات الدولية العامة.
وليس بعيداً، أعلنت قيادة الجيش، أنه «بتاريخ 15 /5 /2025، سقطت مسيّرة للعدو الإسرائيلي في منطقة علمان الشومرية – مرجعيون. وقد عملت دوريّة من الجيش على تأمين محيط سقوطها، ونقلها إلى الوحدة المختصة ليصار إلى الكشف عليها».