علي حسن خليل: الأولوية للتزكية
كتبت صحيفة “الأخبار”: لا أجواء انتخابية في الجنوب قبل نحو شهر على موعد الاستحقاق البلدي والاختياري. استمرار العدوان والاحتلال الإسرائيليين وتجميد العودة والإعمار أولويات وجودية تعلو على الاستحقاق. إلا أن حزب الله وحركة أمل والأحزاب الأخرى والهيئات المحلية والفعاليات أداروا محركاتهم لبث الحماسة للمشاركة ترشيحاً واقتراعاً، لأسباب عدة، أبرزها واقع المجالس البلدية المترهّلة بعد تمديد متكرر منذ عام 2016.
أضف إلى ذلك أن عموم الفئات المستهدفة من العدوان، من البقاع إلى الضاحية وبيروت والجنوب، تجد في الاستحقاق حافزاً لتحويله إلى رسالة تحدٍّ للمحرضين في الداخل والخارج، خصوصاً بعدما تحفّظت جهات رسمية في الدولة على تحديد 25 أيار المقبل موعداً للاقتراع الجنوبي لتزامنه مع ذكرى تحرير الجنوب، “ما قد يستثمره الثنائي في صناديق الاقتراع!”.
ميدانياً، الحراك الأبرز في المناطق الشيعية لحزب الله وحركة أمل بطبيعة الحال. إذ شكّل الثنائي لجاناً انتخابية مشتركة ووزع مهمات تنسيق الترشيحات وتعبئة القواعد بحسب نفوذ كل منهما في كل بلدة، واعتمدا تقسيمة المجالس البلدية منذ دورة عام 2010. وعليه، فإن البلدية المحسوبة على أمل، تتولى فيها الحركة التواصل مع العائلات والأحزاب والفعاليات لاختيار الأعضاء من حصتها في اللائحة البلدية والاختيارية، فيما يختار الحزب ممثليه من ضمن حصته. والأمر نفسه ينسحب على المجالس المحسوبة على الحزب.
التواصل الذي تكثّف أخيراً، بعد حسم عقد الانتخابات في موعدها، اعتمد معايير مختلفة عن الدورتين السابقتين. إذ توافقت قيادتا الثنائي على أن تكون الأولوية لإرضاء العائلات والفعاليات ولو كان على حساب التمثيل الحزبي لكليهما، لاعتبارات عدة، أبرزها مراعاة المزاج الشعبي في المناطق المنكوبة من البقاع إلى الضاحية والجنوب إثر العدوان، وهو مزاج لا يحتمل فرض مرشحين، كما لا يحتمل معارك عائلية، وهو ما يشكل فرصة للفئات الأخرى والمستقلين بخوض التجربة كما كانت الحال في دورة 2004 وما قبلها. شؤون الاستحقاق وشجونه كان موضع حوار مع المعاون السياسي للرئيس نبيه بري، النائب علي حسن خليل. وفي ما يأتي نص الحوار:
ما هي دلالات الانتخابات البلدية المقبلة في الجنوب على وقع العدوان والاحتلال؟
هناك أولويات لدى الثنائي مرتبطة بالواقع المستجد على الأرض. فنحن في مواجهة عدوان مفتوح جواً وبراً تجاوز اتفاق وقف إطلاق النار، ويهدف إلى خلق منطقة عازلة على طول الشريط وقتل أي صورة من صور فيه. لذلك، نعمل على مسارين: إطلاق عمل المؤسسات الرسمية لمواكبة عودة الحياة إلى المنطقة الحدودية. لذلك كان الإصرار على إجراء الانتخابات البلدية والاختيارية في موعدها وفي القرى نفسها، حيث ستساعد المجالس المنتخبة في التصدي لمتابعة الخدمات والتنسيق مع المؤسسات الرسمية لتوفير مقومات العودة وإعادة الإعمار.
المسار الثاني سياسي، إذ إن الانتخابات ستؤكد أن الثنائي لا يزال يتمتع بقاعدة شعبية كبيرة، وهذا له مفاعيله لدى العدو الذي لم يتمكن حتى الآن من إقناع مستوطني الشمال بالعودة، ولدى اللبناني الآخر الذي ينظر نظرة جزئية إلى ما حصل في الجنوب.
هل تلمسون حماسة جنوبية لاعتبارات الثنائي المحلية والسياسية؟
في لبنان كله، حماسة الناس للانتخابات البلدية لا تزال محدودة، لأن كثيرين لم يصدقوا بأنها لن تؤجل مرة أخرى. في الجنوب، لن تجرى في 25 أيار كما أعلنت وزارة الداخلية والبلديات سابقاً، بل قبل يوم واحد بعد اعتراض البعض. ورغم غرابة هذا الاعتراض على رمزية عيد التحرير وارتباطه بالانتخابات، لم نعترض على الاعتراض وأبلغنا وزير الداخلية والبلديات أحمد الحجار بموافقتنا على الموعد الجديد لأننا لن نقف عند التفاصيل ونريد تخفيف التوترات.
ما هي إستراتيجية حزب الله وحركة أمل لخوض الاستحقاق؟
جدّدنا اتفاقنا البلدي على مستوى كل لبنان والقائم على توزيع الحصص في كل بلدة. لكن القاعدة المستجدّة في هذه الدورة إعطاء أوسع مساحة ممكنة للعائلات والفعاليات المحلية لتسمية المرشحين. هدفنا تشكيل لوائح ائتلافية، والأولوية خصوصاً في البلدات الحدودية هي الوصول إلى التزكية. وعليه، نحن نتجه إلى استيعاب الجميع بغض النظر عن الاختلافات السياسية لخفض مستوى التوتر في البلدات حتى لو على حساب التمثيل المحسوب على أمل وحزب الله. سندعم خيارات مختلفة إيجابية هذه المرة، حتى لو على حساب حصتنا. وعندها، نعتبر بأن انتصارنا هو انتصار التوافق.
هل تخشون من محاسبة شعبية في الصناديق رداً على الظروف الراهنة؟
كثنائي لسنا قلقين على شعبيتنا، لكننا لا نستخف بحجم الأذى الذي تعرض له أهل الجنوب من تهجير وقتل وترهيب. لا ننظر إلى هذا الاستحقاق كمعركة إثبات وجود. الاستحقاق الكبير هو في الانتخابات النيابية ذات الطابع السياسي. لكن هذه الانتخابات ستحمل بالطبع مؤشرات. نعي مخاوف الناس التي تحمّل المسؤولية لنا وللدولة على السواء ربطاً بتعليق المساعدات وصرف التعويضات وإعادة الإعمار. لكن هناك إطباقاً على البلد من كل الدول الصديقة والراعية للاتفاق لتأخير الإعمار وربطه بملفات داخلية، فضلاً عن أن جهات محلية تنظر إلى الجنوب كمنطقة جانبية ولا تدرك بأن السلام الداخلي لن يتأمن من دون سلام الجنوب.
في حال فوز الثنائي مجدداً بالبلديات، هل ستتوافر لها إمكانات لرفع النكبة عن البلدات كمقدرات الوزارات والمساعدات الأجنبية؟
لم نشهد حتى اللحظة خطوات عملية من الحكومة للضغط لإعادة الإعمار والمساعدات، وهو أداء يلتقي مع مشروع إبقاء الوضع ساخناً. الجمعيات الدولية أوقفت تقديماتها، ما كشف أجندتها التي تتلاقى مع الضغط الخارجي. النشاط الرسمي الوحيد المسجل جنوباً هو لمجلس الجنوب بإمكانات متواضعة شملت فتح طرقات وترميم. في جلسات اللجان النيابية الأخيرة، طالبنا كنواب برفع إمكانات مجلس الجنوب من الوزارات المعنية من كهرباء ومياه وأشغال. لكن، في المحصلة، ليست هناك رعاية رسمية للمبادرات الفردية للأهالي بالعودة.
وفي هذا الإطار، اعترضنا على قرض البنك الدولي لتنفيذ بنى تحتية لأنه يشترط تنفيذها في المناطق المأهولة، ما يعني استثناء البلدات المدمرة. كان موقفنا واضحاً مع المفاوضين المعنيين في وزارة المال ومجلس الإنماء والإعمار بأننا لن نسمح بتمرير أي مشروع يستثني المنطقة الحدودية.
أين أصبح اقتراح قانون إعفاء الأبنية المتضررة من الرسوم الإدارية والمالية للترميم والإعمار الذي أقرته الحكومة في 7 كانون الأول الماضي؟
في أول جلسة للهيئة العامة في مجلس النواب، ستتقدم كتلة التنمية والتحرير بطلب إقراره كقانون معجل مكرر لتسهيل خطوات الأهالي الذين يريدون البدء بإعمار منازلهم على نفقتهم الخاصة.
ما هي التحضيرات اللوجستية والأمنية لإجراء الانتخابات في البلدات المنكوبة؟
كقيادتي ونواب الحزب وأمل، تواصلنا مع وزير الداخلية للتنسيق حول توفير البنى التحتية ليوم الاقتراع. المؤسسات الحكومية معنية بتوفيرها مثل تقديم الغرف الجاهزة البديلة عن المدارس المهدمة أو ترميم المباني المتضررة الصالحة لاستخدامها كمراكز اقتراع. وقد رفع محافظا الجنوب والنبطية تقارير بالحاجيات من الأبنية إلى مولدات الكهرباء.
من يردع إسرائيل عن محاولة تخريب التجمع الجنوبي المرتقب في المنطقة الحدودية؟
كنواب الجنوب، تواصلنا مع المرجعيات المعنية في الدولة للتواصل مع اليونيفيل والدول الراعية لاتفاق وقف إطلاق النار لتقديم ضمانات أمنية وللضغط على إسرائيل لوقف اعتداءاتها، لأن القاعدة بأن أهالي كل بلدة ينتخبون فيها مهما كانت ظروفها الأمنية بمواجهة العدوان ولدحض النظريات التي تروّج بأنه لم تعد هناك بلدات حدودية. نريد يوم الانتخابات فرصة لإعادة تجميع القرى وتوحيدها بعد التشريد والتهجير القسريين.