محمد حيدر: أوجه دعوة صادقة إلى إخوتنا العرب لدعم الاقتصاد اللبناني من خلال السياحة
أعلن وزير العمل محمد حيدر أن لبنان ينتظر من أشقاءه العرب وقفة أخوية لإعادة إعماره، موجها دعوة الى الإخوة العرب لدعم الاقتصاد اللبناني من خلال السياحة.
وقال حيدر في كلمة في مؤتمر العمل العربي – الدورة 51 بالقاهرة: “أقف أمامكم ممثلا للبنان، الذي يمر اليوم بمرحلة استثنائية وصعبة، نتيجة العدوان الإسرائيلي الذي استهدفه على مدى 66 يوما متواصلة، وما خلفه من دمار طال مختلف القطاعات، وفي مقدمتها قطاع العمل”.
وأضاف: “اليوم، المسؤولية والواجب ينادياننا جميعا، ليس فقط كلبنانيين، وإنما كأشقاء عرب. ومن موقعي كمواطن لبناني أولا، وكإبن الجنوب المدمر الجريح ثانيا، وكوزير في الحكومة اللبنانية ثالثا، أتوجه إليكم ومن خلالكم إلى حكوماتكم، لأقول إن لبنان ينتظر أشقاءه العرب في هذا التحدي، ينتظر منهم وقفة أخوية لإعادة إعماره، ليعود كما عهدتموه جوهرة الشرق. علينا أن نتساعد، جميعا، في ملف إعادة إعمار لبنان، بعيدًا عن أي اعتبارات أخرى، فهذا واجب إنساني وعروبي علينا جميعا”.
وأشار حيدر الى أن “الأزمة الاقتصادية التي بدأت منذ سنوات، وتفاقمت مع العدوان الأخير، كانت من أكبر التحديات التي واجهناها، حيث أثرت بشكل مباشر على التقديمات الصحية والاستشفائية التي يوفرها الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي”، موضحا أن هذه التقديمات فقدت جزءًا كبيرًا من قيمتها بفعل تدهور العملة الوطنية، مما وضع العمال وأسرهم أمام تحديات صعبة في الحصول على الرعاية الصحية.
وقال: “إدراكًا منا لخطورة هذا الواقع، عملنا منذ اليوم الأول على إعادة الاعتبار لهذه التقديمات، بالتعاون مع إدارة الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي، ومن خلال إجراءات إصلاحية تهدف إلى تحسين قدرة الصندوق على تقديم خدماته للمشتركين. واليوم، رغم التحديات الكبيرة، بدأنا نلمس تحسنًا ملموسًا، حيث استعادت التقديمات الصحية والاستشفائية جزءًا كبيرًا من قيمتها السابقة، وهو ما يشكل خطوة أولى على طريق إعادة الضمان الاجتماعي إلى دوره الطبيعي في حماية العمال وأسرهم”.
ولفت وزير العمل الى أن “أحد أكبر التحديات التي نواجهها اليوم في لبنان هو تدني القدرة الشرائية للعمال، بسبب تآكل قيمة الرواتب والأجور بفعل الأزمة الاقتصادية”. وأوضح أن الحد الأدنى للأجور لم يعد كافيا لتلبية احتياجات العامل الأساسية، قائلا: “هذا ما دفعنا إلى تكثيف الجهود بالتعاون مع لجنة المؤشر، من أجل وضع آلية عادلة وشفافة لتصحيح الأجور، تأخذ بعين الاعتبار تحقيق التوازن بين حقوق العمال وقدرة المؤسسات على الاستمرار”.
وأضاف: “نحن ندرك أن أي قرار في هذا الاتجاه يجب أن يكون مدروسا بعناية، بحيث يحفظ للعامل حقه في العيش بكرامة، من دون أن يؤدي إلى إرهاق المؤسسات بشكل يهدد استمراريتها. لذلك، فإننا نعمل على مقاربة متكاملة، تتضمن إصلاحات في سوق العمل، وتحسين بيئة الأعمال، وتعزيز دور النقابات والحوار الاجتماعي، بما يضمن اتخاذ قرارات متوازنة ومستدامة”.
وتابع: “أما على مستوى وزارة العمل، وانطلاقًا من إيماننا بأن الإصلاح الإداري هو أحد الركائز الأساسية لتطوير قطاع العمل، عملنا على تبسيط الإجراءات، واعتماد الحلول الرقمية، بهدف تسريع المعاملات وتخفيف الأعباء عن العمال وأصحاب العمل”.
وأكد أنه أصبح بإمكان المواطنين اليوم إنجاز العديد من المعاملات إلكترونيا، من دون الحاجة إلى الحضور الشخصي، مشيرا الى أنه تم تطوير آليات جديدة لتسهيل تسجيل العمال، ومتابعة شكاوى العمل، وضمان الامتثال للقوانين والأنظمة.
وأكد حيدر أهمية الاتفاقيات المشتركة بين الدول العربية في تفعيل التواصل وتسهيل الإجراءات. وقال: “أمد يدي إلى السادة الوزراء كافة، مؤكدا لهم أن لبنان، ووزارة العمل اللبنانية، يرحبان بهذا النوع من التواصل والتلاقي، ونحن جاهزون لتفعيل وتحديث أي اتفاقية مبرمة مع أي من الأشقاء العرب، وجاهزون لإبرام اتفاقيات جديدة تساهم في التعاون وتبادل الخبرات، خصوصا على مستوى التدريب المهني المعجل وتطوير الكفاءات”.
وأشار الى أن لبنان لم يكن يوما بعيدا عن قضايا أمته، ولم يتأخر يوما عن الوقوف إلى جانب أشقائه في المحن والشدائد. قال: “اليوم، في ظل هذه الظروف الصعبة، نتطلع إلى وقفة عربية صادقة إلى جانب لبنان، دعمًا لقطاع العمل، الذي هو عصب الاقتصاد، وهو ما يحتاج اليوم إلى دعم حقيقي لكي يتمكن من النهوض مجددًا”.
وذكّر بأن “مؤتمر العمل العربي في بغداد العام الماضي، أقرّ وبالإجماع، قرارًا بتخصيص مساعدة لقطاع العمل اللبناني، دعمًا للعمال الذين تضررت مصالحهم جراء العدوان الإسرائيلي”، مشيرا الى أن يومها، كان العدوان محصورا في القرى الحدودية، أما اليوم، فإن الدمار قد طال مختلف المناطق اللبنانية، ولم تسلم منه مؤسسة أو عامل. وقال: “لذلك، فإننا نطالب بتحويل هذا القرار إلى خطوات تنفيذية ملموسة، لأن لبنان، هذا البلد الذي كان دائمًا في مقدمة المدافعين عن القضايا العربية، يحتاج اليوم إلى دعم أشقائه، ليس بالكلام، بل بالفعل”.
ووجه وزير العمل دعوة “صادقة” إلى الإخوة العرب، لدعم الاقتصاد اللبناني من خلال السياحة، كخطوة أولى وعملية وسريعة الأثر، قائلا: “لبنان الجميل بطبيعته، الغني بثقافته، والكبير بقلبه، ينتظركم لتعودوا إليه زوارا وأحباء كما كنتم دائما. أدعوكم إلى التوجيه باعتماد لبنان وجهة سياحية مفضلة للأشقاء العرب، لما لهذا القطاع من دور حيوي في إنعاش الاقتصاد، وتوفير فرص العمل، وتعزيز التبادل الثقافي والاجتماعي بين شعوبنا”.
المصدر: lbc