بين واشنطن وكييف… مفاوضاتٌ “مشحونة” حول اتفاق المعادن
كشفت وكالة “رويترز”، نقلاً عن مصدر مطّلع، أن مسؤولين أميركيين وأوكرانيين عقدوا اجتماعات يوم امس الجمعة في العاصمة الأميركية واشنطن، لمناقشة مقترح أميركي يهدف إلى منح الولايات المتحدة امتيازات للوصول إلى الثروات المعدنية في أوكرانيا، وسط أجواء وصفت بـ”العدائية”.
وبحسب المصدر، فإن التوتر خيّم على المحادثات نتيجة لمسودة جديدة قدّمتها إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب، اعتُبرت “أوسع وأشد تطرفًا” مقارنة بنسخ سابقة. وأضاف: “بيئة التفاوض كانت عدائية للغاية، خاصة مع توجّه واشنطن نحو فرض شروط تتجاوز الإطار الاقتصادي إلى النفوذ الجيوسياسي”.
وأكد متحدث باسم وزارة الخزانة الأميركية انعقاد تلك المحادثات، واصفًا إياها بأنها “فنية بطبيعتها”، من دون الخوض في تفاصيل المضمون السياسي المقترن بها.
وتنص المسودة الأميركية الأخيرة على منح الولايات المتحدة امتيازات موسعة للوصول إلى الثروات المعدنية، بما في ذلك المعادن النادرة والثمينة، وإلزام كييف بتحويل كامل العائدات الناتجة عن استغلال الشركات الحكومية والخاصة للموارد إلى صندوق استثماري مشترك تشرف عليه واشنطن.
غير أن الاتفاق المقترح لا يشمل أي نوع من الضمانات الأمنية لكييف، وهو ما تعتبره القيادة الأوكرانية بندًا غير قابل للتجاهل، في ظل استمرار الحرب ضد روسيا التي تحتل نحو 20% من الأراضي الأوكرانية.
وكشف المصدر أن إحدى “المفاجآت” في المسودة الأميركية هي مطالبة واشنطن بمنح شركة تمويل التنمية الدولية التابعة للحكومة الأميركية سيطرة مباشرة على خط أنابيب الغاز الطبيعي الذي تملكه شركة “غازبروم” الروسية ويمر عبر الأراضي الأوكرانية إلى أوروبا، وهو بند أثار تحفظًا كبيرًا من جانب الوفد الأوكراني.
وعلمت “رويترز” أن الحكومة الأوكرانية استعانت بشركة المحاماة الدولية “هوغان لوفيلز” كمستشار خارجي للتفاوض حول ملف المعادن، في محاولة لضمان الشفافية القانونية والاقتصادية في الاتفاق المحتمل.
وكان الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي قد صرّح في وقت سابق من هذا الأسبوع بأن أي اتفاق مع واشنطن حول الثروات المعدنية “يجب أن يكون مربحًا للبلدين”، مشددًا على أهمية أن يُصاغ الاتفاق بطريقة تتيح تحديث البنية الصناعية والاقتصادية في أوكرانيا.
وفي سياق متصل، من المرتقب أن يتوجّه وفد أوكراني رفيع المستوى، يضم رئيس الوزراء دينيس شميهال ووزير المالية سيرهي مارتشينكو، إلى واشنطن خلال الأسبوعين المقبلين للمشاركة في اجتماعات صندوق النقد الدولي والبنك الدولي، التي ستتخللها جلسة وزارية خاصة تُعقد في 25 نيسان وتركّز على تطورات الحرب والوضع الاقتصادي في أوكرانيا.
ويأتي هذا التحرك الأميركي في إطار مساعي إدارة ترامب إلى ربط المساعدات العسكرية السابقة المقدمة لكييف – والتي بلغت عشرات المليارات من الدولارات – باتفاق اقتصادي واسع النطاق، يضمن لواشنطن منفذًا استراتيجيًا نحو الثروات الطبيعية الأوكرانية، في وقت تتصاعد فيه الضغوط الداخلية على الإدارة الأميركية لتبرير الإنفاق الخارجي الهائل.
المصدر: الجزيرة