الهيئات الاقتصادية تطلق ورقتها الإصلاحية الشاملة ، شقير: تضع حلولاً جذرية للاختلالات وتؤسّس لدولة عصرية
المركزية- عقدت الهيئات الاقتصادية برئاسة الوزير السابق محمد شقير مؤتمراً صحافياً حاشداً اليوم في مقر غرفة بيروت وجبل لبنان، تم خلاله إطلاق ورقتها الإصلاحية الشاملة التي أعدّتها خلال الأشهر الأخيرة تحت عنوان “تطلعات نحو لبنان الجديد”.
وتحدث في المؤتمر الصحافي بالإضافة الى شقير كل من رئيس جمعية تجار بيروت (أمين عام الهيئات) نقولا شماس، نائب رئيس غرفة بيروت وجبل لبنان (أمين المال في الهيئات) د. نبيل فهد، رئيس المجلس الوطني للإقتصاديين اللبنانيين (العضو في الهيئات الإقتصادية) صلاح عسيران.
وحضر المؤتمر الصحافي بالإضافة إلى رئيس وأعضاء الهيئات الاقتصادية، رئيس لجنة الاقتصاد النيابية النائب فريد البستاني والنواب: نيكولا صحناوي غسان سكاف، وضاح الصادق، وفيصل الصايغ، وبيار بسيم ممثلاً النائب ميشال معوض. كما حضر وفد من الاتحاد العمالي العام برئاسة بشارة الأسمر، وعدد من أعضاء مجلس إدارة غرفة بيروت وجبل لبنان ورؤساء النقابات والجمعيات الإقتصادية والمهنية والفعاليات الرسمية والإجتماعية والبلدية.
وتضمنت الورقة مختلف الإصلاحات والإجراءات المطلوبة للإنتقال بلبنان الى دولة عصرية وحديثة. وتعالج الورقة 7 عناوين أساسية: خيار الدولة وإنتظام عمل المؤسسات الدستورية، إستقامة العمل السياسي، بناء مؤسسات الدولة وإداراتها، النهوض الإقتصادي وبناء دولة عصرية، التنمية الإجتماعية المستدامة، إعادة الإعتبار لعلاقات لبنان الخارجية، الإستجابة للمتطلبات البيئية والمناخية.
شقير
بداية تحدث شقير فرحّب فيها بالجميع في غرفة بيروت وجبل لبنان بيت الاقتصاد اللبناني، في هذا المؤتمر الصحافي الذي نريد منه إطلاق مساراً إصلاحياً شاملاً يؤسس لقيام دولة قوية وعصرية. وقال “لا نريد أن ننظر الى الوراء المليء بالفشل والمآسي والخراب، لكن لا يمكن الإنطلاق نحو المستقبل من دون أخذ العِبَر من تجارب الماضي المريرة”. أضاف “اليوم جزء كبير من الصورة تَغَيَّر، ونحن أمام مرحلة جديدة ننظر اليها بالكثير من التفاؤل ونرى فيها الكثير من الأمل لتغيير المسار والبدء في عملية إعادة التعافي والنهوض”.
وأشار الى إن الهيئات الإقتصادية اللبنانية الممثلة الشرعية للقطاع الخاص اللبناني التي كانت على الدوام سباقة في طرح المبادرات الهادفة للحفاظ على لبنان وهويته وحماية وتطوير إقتصاده الوطني، عملت بجهدٍ وتركيزٍ عالٍ خلال الفترة الماضية حتى في خضم العدوان، على تحديد ركائز ومتطلبات بناء دولة تستجيب لتطلعات اللبنانيين وتنال ثقتهم وثقة المجتمع العربي والدولي.
وأوضح شقير ان الهيئات ارتكزت في ذلك على قناعة راسخة بأن نمطية عمل الدولة اللبنانية بكليتها التي كانت قائمة أقله بعد العام 2005، باتت غير نافعة لا بل مضرة، وبأن المسار الإنحداري الذي إستمر لسنوات طويلة يجب أن يتوقف، ولا بد من الذهاب الى مستقبل مشرق وواعد.
وقال شقير “ترى الهيئات الإقتصادية ضرورة ماسة لإحداث تغيير كلي في ذهنية إدارة الدولة والعمل السياسي والإنتقال من الأقوال والشعبوية الى الأفعال والأعمال البَنَّاءة التي تنفذ سريعاً واعتماد تقنيات الدول الحديثة ومنها المكننة الشاملة والحوكمة والإدارة الرشيدة”. اضاف “إنطلاقاً من كل ذلك، فإن الهيئات الإقتصادية تَضَع اليوم أمام الرأي العام اللبناني والمسؤولين اللبنانيين ورقة إصلاحية شاملة قامت بإعدادها تحت عنوان: تطلعات نحو لبنان الجديد”.
وأوضح شقير ان الورقة تعالج مختلف المشاكل التي تم تسجيلها على مدى سنوات طويلة والتي كانت السبب في إنحدار حال الوطن، عبر وضع حلول جذرية للإختلالات والعمل على ترسيخ أسس قيام دولة عصرية وحديثة، لافتاً الى إن المعايير التي إعتمدتها الهيئات الإقتصادية في ورقتها بسيطة وليست معقدة، وهي تقوم على تصويب الأداء والأفعال والممارسات بشكل كلي وفي مختلف الميادين، كي تنسجم مع الدستور والقوانين المرعية الإجراء وقواعد العمل في الدول الديموقراطية التي تحتكم الى قضاءٍ عادلٍ والتي تتبنى الليبرالية الإقتصادية وتشجع المبادرات الفردية، وتعطي أولوية قصوى للإنسان.
وشدد شقير على أن الوصول الى هذا الهدف هو حلم كل لبناني، وهذا الحلم مشروع إنطلاقاً مما يمتلكه لبنان من مكونات ومقومات ينفرد بها في منطقتنا، مضاف اليها الكفاءات البشرية المميزة فضلاً عن الإرث الثقافي والحضاري وثقافة الحياة، نعم، إني على يقين بأننا قادرون على تحويل الحلم الى حقيقة.
وأكد شقير ان القضية الأساسية والجوهرية للهيئات الإقتصادية، تبقى في بناء دولة عصرية تشبه المواطن اللبناني، المميز والمبادر والمبدع، وتستجيب لكل تطلعاته وتطلعات شاباته وشبابه، دولة قادرة على توفير الإستقرار والأمن والأمان، وقادرة على إدارة كل الثروات والإمكانات والقدرات المتاحة على إختلافها بشكل منتج وفاعل، دولة ذات أهداف بعيدة المدى على مستوى التقدم والتطور والإزدهار دولة يكون هدفها الأساسي تأمين كل الظروف الملائمة لحياة تليق باللبناني، على مستوى توفير فرص العمل والتشجيع على المبادرة وإنشاء الأعمال وصولاً الى تحسين مستوى معيشة وحياة اللبنانيين، لأن الإنسان يبقى الأهَمّ.
وختم كلمته بالإشادة بالتعاون البَنَّاء والمثمر بين الهيئات والإتحاد العمالي العام برئاسة بشارة الاسمر الذي استطعنا من خلاله توفير الصمود الإجتماعي خلال مرحلة الأزمات والإنهيار.
شماس
وتحدث شماس فعرض أبرز ما تضمنته المحاور الثلاثة الأولى:
ففي المحور الأول المتعلق بخيار الدولة وإنتظام عمل المؤسسات الدستورية، أكدت الورقة على ضرورة توليد قناعة نهائية لدى كل الأطراف السياسية بأن الخيار الوحيد لمستقبل جيد ومشرق للبنان والشعب اللبناني هو الدولة، كون هذا الخيار يحقق مصالح جميع اللبنانيين من دون إستثناء وعلى مختلف المستويات.
وفي محور الثاني المتعلق باستقامة العمل السياسي، أبرز ما شددت عليه الورقة، هو: الإلتزام إلتزاماً كاملاً بالدستور وبوثيقة الوفاق الوطني (إتفاق الطائف) نصاً وروحاً، ترسيخ القناعة لدى القوى السياسية بالتنافس الديموقراطي، وبالتنافس من أجل مصلحة المواطن والمجتمع والدولة وليس من أجل مصالحها الخاصة، الإقلاع نهائياً عن سياسة التعطيل، الفصل بين السلطات، الولوج الى الدولة المدنية وترسيخ مبدأ المواطنة.
وفي المحور الثالث المتعلق ببناء مؤسسات الدولة وإداراتها، شددت الورقة على أمور أساسية، منها إصلاح القضاء بشكل جذري، لإيجاد قضاء عادل، وتفعيل أجهزة وهيئات الدولة الرقابية (ديوان المحاسبة، التفتيش المركزي، مجلس شورى الدولة، الهيئة العليا للتأديب) لمكافحة الفساد وحماية الأموال العامة، دعم وتقوية الجيش اللبناني، وكذلك تقوية وتفعيل كل الأجهزة الأمنية، إصلاح القطاع العام ورفع إنتاجيته وكفاءته خدمة للمجتمع والدولة عبر مجموعة وزاسعة من الإجراءات حددتها الورقة.
فهد
أما فهد فعرض أبرز ما تضمنه المحور الرابع المتعلق بالنهوض الإقتصادي وبناء دولة عصرية، حيث إعتبرت الورقة إن إعادة لبنان الى طريق التعافي والنهوض وبالتالي بناء دولة عصرية مزدهرة لديها حضور إقليمي ودولي ليست بالمهمة المستحيلة، محددةً مجموعة من الخطوات والإجراءات والشروط لتحقيق ذلك، وعلى رأس القائمة وضع وتنفيذ برنامج تعافي إقتصادي ومالي وإجتماعي عادل وموثوق، يتناول الآتي: إعادة هيكلة القطاع المالي، الخروج بحلول لمعالجة موضوع الودائع بما يحفظ حقوق المودعين، معالجة موضوع الدين العام واليوروبوندز، التوصل الى إتفاق مع صندوق النقد الدولي، إعطاء أولوية قصوى لموضوع رفع لبنان عن اللائحة الرمادية ، إعطاء أولوية لتأمين الإستدامة المالية للموازنة العامة.
وشددت الورقة على ضرورة توفير التمويل بشروط ميسرة ولفترة طويلة للمؤسسات الخاصة على إختلافها، تطوير الضمان، وإيجاد حل جذري لتسويات تعويض نهاية الخدمة، تحديث البنية التشريعية المتعلقة بالشق الإقتصادي، مكافحة الإقتصاد غير الشرعي، وضع الآليات التنفيذية لتطبيق خطة ماكنزي، تحفيز القطاعات ذات القيمة المضافة، لا سيما القطاع السياحي بمختلف نشاطاته، القطاع الصحي، القطاع التعليمي، قطاع تكنولوجيا المعلومات، والذي من شأنه ترسيخ هوية ودور لبنان في المنطقة.
وشددت الورقة على ضرورة إيجاد بيئة محفزة ومسهلة للأعمال وجاذبة للإستثمار، وضع مخطط توجيهي للإستثمار في لبنان، إيجاد معالجات جذرية للبنية التحتية كونها تشكل عاملاً أساسياً وحاسماً في العملية الإقتصادية والإنتاجية بكليتها، وتشمل الكهرباء وشبكات الأوتوسترادات والطرق والنقل والمياه والإتصالات والإنترنت وغيرها، والعمل على جعل لبنان واحة للمبادرة والإبداع والإبتكار.
عسيران
من جهته، عرض عسيران أبرز ما تضمنته المحاور: الخامس والسادس والسابع. ففي المحور الخامس المتعلق بالتنمية الإجتماعية المستدامة، شددت الورقة على ضرورة إعطاء الشق الإجتماعي أولوية قصوى، وتحقيق العدالة الإجتماعية عبر: دعم وإتاحة التعليم للجميع، إتاحة فرص العمل للجميع، والتركيز على خفض معدلات البطالة والفقر في لبنان من خلال خلق وظائف جديدة للبنانيين، مكافحة آفة المخدرات، تشجيع الرياضة، توفير معاش تقاعدي للمتقاعدين، تنفيذ البطاقة الصحية، إعطاء أولوية لتمكين المرأة، إتخاذ كل الخطوات التي من شأنها تحقيق الإنماء المتوازن، تشجيع السياسة الإسكانية.
وفي المحور السادس المتعلق بإعادة الإعتبار لعلاقات لبنان الخارجية رأت إن إصلاح موضوع علاقات لبنان الخارجية يبقى من المهام الأساسية التي على السلطة الجديدة القيام بها، ليعود كسابق عهده حاضراً بقوة على الساحة العربية والعالمية، كون هذا الموضوع يُعَدّ عاملاً مهماً للدول على مختلف المستويات.
وفي المحور السابع المتعلق بالإستجابة للمتطلبات البيئية والمناخية، شددت على ضرورة إستجابة لبنان لكل المتطلبات والالتزامات التي حددها مؤتمر الأمم المتحدة المعني بتَغَيُّر المناخ، إنشاء صندوق وطني لإحياء الطبيعة في لبنان، لمكافحة التصحر وتشجير الاحراج والجبال وللحفاظ على تميز لبنان في المنطقة.
ملحق أساسي
وتضمنت الورقة أيضاً ملحقاً أساسياً تناول مواضيع أساسية في عملية إعادة إطلاق عمل الدولة وترسيخ سيادتها وتحقيق النهوض الإقتصادي والإجتماعي المستدام.
وأكدت الورقة في نهايتها على أن تحقيق التنمية الإقتصادية والإجتماعية الشاملة والمستدامة يتطلب إتباع القاعدة الذهبية التالية: الدفع لتحقيق النمو الإقتصادي الذي سيؤدي الى خلق استثمارات ووظائف جديدة وزيادة مداخيل الدولة وكذلك زيادة حجم الإقتصاد الوطني وتالياً رفع متوسط مداخيل اللبنانيين وتحسين مستوى معيشتهم.