بريد القراء

لبنان في مواجهة الضغوط: لا لسلاح الإملاءات.. نعم للسيادة والحوار بقلم محمد غزالة 

 

 

بقلم محمد غزالة

في خضم مرحلة شديدة الحساسية، يخوض لبنان واحدة من أخطر معاركه السيادية، بين ضغوط أميركية متصاعدة ومساعٍ إسرائيلية حثيثة لفرض شروط على الدولة اللبنانية، تمسّ ملفًا يعتبره اللبنانيون سيادياً بامتياز: سلاح المقاومة.

 

زيارة الموفدة الأميركية مورغان أورتاغوس إلى بيروت قبل يومين لم تكن زيارة عابرة، بل حملت رسائل مباشرة وغير مباشرة، وخلاصتها كانت مطلباً واضحاً من الإدارة الأميركية، نقلاً عن إسرائيل: “أي علاقات طبيعية مع واشنطن تمرّ عبر نزع سلاح حزب الله”. رسالة لم تلقَ صدى إيجابيًا في لبنان، الذي سارع إلى الرد بتماسك وطني، رافضًا الإملاءات، ومؤكداً أن أي نقاش حول هذا الملف لا يمكن أن يتم إلا تحت سقف السيادة والدستور والوحدة الوطنية.

*لبنان يضع خارطته: لا نقاش قبل الانسحاب*

 

الموقف اللبناني الرسمي جاء على قدر التحديات، إذ أكد التزامه الكامل بقرار مجلس الأمن 1701، وتمسكه بوقف إطلاق النار، لكنه أشار إلى أن إسرائيل هي من يخرق القرار بشكل ممنهج، برعاية أميركية وصمت دولي، خصوصاً في ظل غياب فعّال للجنة مراقبة تنفيذ القرار.

 

أما الحديث عن نزع سلاح المقاومة، فيراه لبنان مرتبطًا بمدى التزام إسرائيل بالانسحاب من الأراضي اللبنانية المحتلة، وعلى رأسها النقاط الخمس الحدودية، كمدخل طبيعي لفتح أي باب حوار داخلي مسؤول.

*المقاومة خلف الدولة: الموقف الصريح لحزب الله*

 

حزب الله، وعلى لسان مسؤوليه، جدد تأكيده أنه يقف خلف الدولة اللبنانية في كل ما يتعلق باسترجاع الأراضي المحتلة، وأنه لا يتهرب من مسؤولياته الوطنية، لكنه لن يسمح بتسليم ورقة السلاح مقابل وعود هشّة أو ضغوط خارجية.

*مهلة لتطبيق القرار 1701… ولكن!*

 

رغم كل التهديدات، منح لبنان نفسه مهلة غير محددة لتطبيق الـ1701 داخلياً، في ما بدا أنه محاولة لاستيعاب الضغوط، ومنع أي فتنة داخلية أو انفجار سياسي غير محسوب. غير أن المخاوف تبقى قائمة، خصوصًا مع تجارب سابقة تُظهر عدم التزام إسرائيل بأي اتفاق، وسعيها المتكرر لإقامة حزام أمني داخل الأراضي اللبنانية خدمةً لأمن مستعمراتها، التي لا يزال سكانها يرفضون العودة إليها.

*الرهان على الوعي الوطني*

 

المعادلة اليوم دقيقة جداً، والرهان الأكبر يبقى على وعي اللبنانيين جميعاً، قيادة وشعباً، وتغليب المصلحة الوطنية على أية أجندات خارجية. فالخطر لا يكمن فقط في الخارج، بل في استغلال الداخل لتلك الضغوط، وتحويلها إلى مادة سجال سياسي في وقت يحتاج فيه لبنان إلى وحدة صف وموقف سيادي جامع.

 

ختاماً، يبدو أن معركة لبنان اليوم هي معركة ثبات على المبادئ، وصمود في وجه الضغوط، ورفض للتفريط بالسيادة تحت أي عنوان، مع التمسك بالحوار كخيار أوحد، ولكن على أساس الكرامة الوطنية لا الإملاءات.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى