مراوحة إسرائيلية في غزّة: المقاومة تواصل سياسة «الامتصاص»
غزة | تبدو العملية البرية التي ينفّذها جيش الاحتلال في قطاع غزة، في يومها الحادي عشر، وكأنها استهلكت أهدافها، واستنفدت ما يمكن أن يُفعل من خلالها، إذ يحافظ العدو على وتيرة ثابتة من هجماته الجوية، فيما تراوح الآليات العسكرية في المناطق العازلة التي توغّلت فيها على الأطراف الشمالية والشرقية لمدينتي بيت لاهيا وبيت حانون في شمال القطاع، والأطراف الشرقية لحي الشجاعية والزيتون، بالإضافة إلى محور «نتساريم» ومدينة رفح. وتتقدّم الدبابات الإسرائيلية في تلك المناطق، في ساعات الليل، لبضع مئات من الأمتار، ثم تتراجع في ساعات النهار، في حين تشهد المناطق الحدودية المزيد من عمليات نسف المنازل وتدمير المربعات السكنية.
وفي وقت رفع فيه المستويان السياسي والأمني في إسرائيل من سقف التهديد بتوسيع العملية البرية حتى السيطرة الأمنية والمدنية على القطاع، رجّح المراسلون العسكريون أن تكون الخطوات البرية الحالية، تمهيداً لتحقيق ذلك الهدف في وقت لاحق. وفي المقابل، تحافظ المقاومة على مستوى منخفض جداً من الاشتباك، إذ لم يُسجّل منذ العودة إلى القتال أي التحام مباشر بينها وبين العدو.
وتعزو مصادر مقرّبة من المقاومة هذا الامتصاص المستمر إلى جملة من العوامل، يمكن تلخيصها بما يلي:
– التقدير بأن الجولة الحالية ستنحصر في إطار القصف الجوي والضغط الميداني لغرض تحقيق صفقة تبادل جزئية. ولذا، تريد المقاومة أن تحافظ على أدنى مستويات الضغط على الحاضنة الشعبية، باعتبار أن ردود الفعل على أي فعل مقاوم، عادة ما تنصبّ انتقاماً على المدنيين والنازحين.
– لم يتوغّل العدو حتى اللحظة إلى عمق الأحياء المدنية، على رغم إخلاء مدينة بيت حانون تمهيداً للعمل البري، فيما لا تعطي المناطق الحدودية العازلة والجرداء من الأبنية والنباتات، أي هامش للعمل والالتحام. وعليه، فالتقدير هو أن المقاومة تؤجّل الفعل إلى مرحلة قد يتطوّر فيها الهجوم إلى التوغّل العميق في الأحياء المُخلاة.
– ثمة آراء يكثر تداولها في أوساط المقاومة بتمرير هذا التصعيد، بما يعطي العدو صورة إنجاز للمساهمة في دفع تفاهمات وقف إطلاق النار إلى المرحلة الثانية، من دون «استفزاز» يفضي إلى تفجير مساعي التهدئة.
في محصّلة الأمر، وعلى الرغم من أن المقاومة ليست في أحسن أحوالها، لكنها ليست عاجزة عن توجيه ضربات ميدانية مؤثّرة وقاسية إذا شاءت، فيما العامل الحاسم في اتخاذ القرار لديها حالياً، هو حالة الجبهة الداخلية الفلسطينية التي تتعرّض لضغوط كبرى بفعل النزوح والتجويع المستمريْن وانعدام الاستجابة العاجلة، وتدفع المقاومة إلى أن تضع في أولويات فعلها أن لا تتسبّب بنسف آمال وقف الحرب وزيادة معاناة الأهالي.
المصدر: الاخبار