بريد القراء

فاجعة السيد حسن نصرالله: خيط النور الذي انقطع بقلم الحاج محمد بركات جابر

وكأن الأرض تزلزلت تحت أقدامنا، وكأن الليل هجم دفعةً واحدة دون وعدٍ بعودة الفجر. فاجعةٌ لم تكن في الحسبان، ولم يكن لأحد أن يتخيلها، لكنها وقعت كالصاعقة، فانقطع الخيط الرفيع الممتد من السماء إلى الأرض، ذلك النور الذي كان يتوهج في ظلمة الزمن، فخمد، وانطفأ، وكأن الكون فقد بوصلته.

السيد حسن نصرالله… الاسم الذي صار مرادفًا للثبات والصمود، الرجل الذي كان حضورُه طمأنينةً، وصوتهُ وعدًا، ورايتهُ كرامةً لا تنكسر. لم يكن مجرد قائدٍ، بل كان أمةً في رجل، وصوتًا ارتفع ليكون فوق الطغاة، وشعلةً لا تخبو حتى في أحلك الظروف.

لكن أيادي الشيطان تأمرت… لا لشيء إلا لأنها ترتعد أمام الرجال العظام، لأن ظلامها لا يحتمل وهج النور، لأن أعداء الحق لا يستطيعون احتمال رجلٍ كان صوته يُرعبهم قبل سلاحه. فامتدت الأيادي المجرمة لتقطع الخيط الممتد من السماء، فانطفأ الإمداد، وصرنا في فراغٍ لا يُملأ، في وحشةٍ لا توصف، كأنما انكسرت قلوبنا جميعًا دفعةً واحدة.

كيف نحيا دون الإمداد؟ كيف نكمل الطريق دون الرجل الذي كان لنا دليلًا؟ كيف نقاتل في الميدان دون الصوت الذي كان يُثبتنا، ويجعل الجبال تهتز بينما نحن نزداد ثباتًا؟ أيُعقل أن نكون في هذا الكابوس القاتم، وأيُعقل أن نستيقظ منه دون أن نجد السيد بيننا؟

إنها خسارةٌ بحجم الكون، لكنها ليست النهاية، بل هي بدايةٌ أخرى للوفاء، للسير على الدرب، لحمل الشعلة التي حاولوا إطفاءها. سيبقى السيد حاضرًا في كل نفسٍ حر، في كل مقاومٍ لم يُسلم، في كل يدٍ تُرفع ضد الظلم، في كل قلبٍ ما زال ينبض بالعهد والولاء.

هم أرادوا أن يطفئوا النور، لكنهم لم يدركوا أن الشمس لا تُطفأ، وأن الدماء الزكية لا تُهزم، وأن السيد باقٍ في وجدان الأمة، خيطًا ممتدًا، حتى وإن ظنوا أنهم قطعوه.
محمد بركات جابر

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى