من نتائج طوفان الأقصى
كتب حسين نور الدين: بات واضحاً بشكل جلي أن نتائج و تأثيرات عملية طوفان الأقصى لم تعد محصورة داخل الأراضي المحتلة في فلسطين او المنطقة المحيطة بها. أن يخرج مواطناً عربياً في أي دولة عربية للاعتصام و التظاهر ضد أمر ما أو سياسة ما أو للتضامن مع بلد ما، و يتعرض للضرب و الاهانة والاعتقال، فهذا أمر جداً طبيعي، لأن النظام العربي برمته قام على هذا النوع من الظلم والاستبداد، لكن أن يحصل هذا في بلاد الغرب عموماً، و في أمريكا على وجه التحديد فهذا يدعو الى التوقف ملياً عنده في مجتمعات تُسمى مجتمعات الحرية و الديموقراطية و حقوق الإنسان، إنها مجتمعات اللا عنف، و مجتمعات فيها ممنوع الضرب، و في تلك المجتمعات ممنوع على الأب أن يرفع صوته على إبنه فضلاً عن أن يضربه، و يحق للولد القاصر بل واجبه أن يستدعي الشرطة اذا قام والده بضربه او توبيخه و يضعه في السجن. هذه المجتمعات التي تدّعي الحضارة و قبول الرأي الآخر و احترام الاصوات المعارضة تقوم الآن بضرب و اهانة الشباب و الشابات في الطرقات و باحات الجامعات، و السبب هو الدفاع عن دولة احتلال مجرمة تقوم بأبشع الجرائم و على الهواء مباشرة. فهل سيبقى هذا الجيل او الجيل الذي يأتي بعده مؤمناً بتلك التربية التي نشأ عليها و التي نشأت عليها تلك الدول؟ اللافت في الأمر أكثر، أن معظم الهيئات و الجمعيات و المؤسسات المعنية بتلك العناوين دخلت في غيبوبة ولم نعد نسمع عن حقوق الانسان و مكافحةالعنف و محاربة التطرف، كتلك التي أُطلقت قبيل الحرب على افغانستان او غزو العراق او تدمير سوريا و تدمير ليبيا او الحرب على اليمن. اصبحت كل هذه القيم و المبادئ مجرد حبر على ورق تماماً كحال قرارات مجلس الأمن الدولي خاصة تلك المتعلقة بدولة الكيان الصهيوني المغتصب لأرض فلسطين. يقف المواطن الغربي مذهولاً امام الممارسات التي تقوم بها السلطات ضد شعوبها، فهذه الممارسات هي نقيض الثقافة التي تربى عليها و نشأ عليها و تعلمها في المناهج، فهو سواء كان مؤيداً لكيان الإحتلال او معارضاً له، لم يكن في وعيه أن يرى شاباً أو فتاة تتعرض للضرب والاهانة و الاعتقال أمام شاشات التلفزة، وهو المواطن نفسه الذي طالما عاب على الدول المتخلفة قيام سلطاتها بمثل تلك الممارسات. هذا المنعطف الانحداري بالنسبة لتلك المجتمعات لا يقل أهمية و خطورة عما حققته الفصائل الفلسطينية يوم السابع من أكتوبر من أزمة سببتها للكيان وهذا سيكون له تداعياته على المدى القريب و البعيد، ولن يكون من السهل على ذلك الشاب او تلك الفتاة نسيان الصفعة التي تعرضوا لها أمام اهلهم و رفاقهم في الشوارع والجامعات، خاصة و انها جاءت تحت عنوان كاذب و ظالم هو معاداة السامية، فهؤلاء الطلاب لم يتربوا على تقبل الاتهامات الكاذبة فكيف اذا كانت هذه الاتهامات في سياق الدفاع عن ارهاب دولة الاحتلال و اجرامه.