محليات

الامارات تفرض التسويات في حل النزاعات: اخر صفحة مع “حزب الله”

أتت زيارة مسؤول وحدة “التنسيق والارتباط” في “حزب الله” وفيق صفا الى دولة الامارات العربية المتحدة لترسم مساراً جديداً بين أبو ظبي وأحد اهم اعمدة ايران في العالم العربي. صحيح ان ملفّ السجناء اللبنانيين في الامارات هو عنوان الزيارة، بعد توسّط كل من دمشق وطهران، ونجاحهما في تقريب المسافات التي قضت بزيارة وفد “حزب الله” لأبو ظبي، الاّ ان مدلولات الزيارة تتخطّى حدود قضية المساجين:

اولاً، تأتي بعد توتر العلاقات بين الدول الخليجية و”حزب الله” منذ سنوات عدّة.

ثانياً، تحلّ في زمن التقارب الايراني-العربي، علماً ان علاقة الاماراتيين والايرانيين ممتازة وفاعلة على الصعد السياسية والامنية والاقتصادية.

ثالثاً، تشكّل دولة الامارات سنداً لدمشق، وهي التي ابقت التعاون مع سوريا قائماً بكل الظروف.

رابعاً، تسعى أبو ظبي الى تفعيل دور الامارات الريادي في الاقليم، عبر تصفير المشاكل، والتركيز على صناعة التسويات السلمية. ومن هنا بالذات تتصدّر دولة الامارات العربية المتحدة في تلك الصناعة وحل النزاعات بين الدول.

وبحسب المعلومات فإن زيارة صفا الى ابو ظبي ستثمر في ملف المساجين، بعد نجاح الوساطة التي قادتها كل من دمشق وطهران مع الاماراتيين، وكان “حزب الله” يطّلع على مسارها في الاشهر القليلة الماضية، قبل ان يحلّ موعد التنفيذ حالياً.

يُمكن الجزم ان مفاعيل الزيارة ونتائجها ستترك اثراً كبيراً على طريق تعاطي حلفاء ايران، وخصوصاً “حزب الله” مع الامارات. من المُفترض ان تُطوى صفحة الأزمة بين الطرفين. هناك مصلحة اقليمية، ايرانية وعربية، وبالطبع لبنانية، بعدم مشاكسة الاماراتيين، الذين ثبّتوا علاقاتهم الايجابية في كل عواصم الاقليم، ولعبوا ادواراً بناءة في اكثر من اتجاه. يُمكن استحضار ملف المساعدات الانسانية لقطاع غزة براً وبحراً وجوّاً، كمثال عن حجم الاقدام الاماراتي لمؤازرة الفلسطينيين. لقد شكّلت حملة “الفارس الشهم” بكل مراحلها ركيزة دعم اساسية لقطاع غزة الذي يتعرض لعدوان اسرائيلي غير مسبوق. واذا كان بعض حلفاء ايران انتقدوا سابقاً الاماراتيين بسبب ملف التطبيع مع إسرائيل، فإن وقوف أبو ظبي مع فلسطينيي غزة منع حركة “حماس” مثلاً من ان توجّه اي انتقاد للامارات التي ميّزت بين رؤيتها الاقليمية القائمة على اساس التسويات مع كل العواصم، من دون استثناء، وبين موقف ابوظبي المبدئي بالوقوف الى جانب الفلسطينيين وتقديم الدعم الانساني والمالي لهم.

لذلك كانت مبادرة رئيس دولة الامارات الشيخ محمد بن زايد بعلاج الف طفل فلسطيني اصيب جراء حرب غزة، مع عائلاتهم في مستشفيات الامارات بادرة طيبة إستُكملت بالدعم الانساني المفتوح، والذي يُترجم حالياً ببواخر تنقل المواد الغذائية والحاجات الطبية الى قطاع غزة.

تستطيع ان تفرض الامارات اجندة تسووية مع كل عواصم وافرقاء الاقليم. لمَ لا؟ هي تنجح بإمتياز، وقد اتت الخطوة الحاليّة لتشكّل الصفحة الاخيرة لملف اشكالي عالق منذ سنوات، وهي تؤكد انتصار منطق التسويات التصالحية على الخصومات والعداوات.

خاص النشرة

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى