عربي ودولي

أكاديميون ومختصون يوصون بإنشاء مؤسسة لليقظة الإعلامية الصحية كآلية وقائية

خلال الملتقى الدولي الموسوم “اليقظة الإعلامية الصحية” المنظم بالجزائر

 

 دليلة قدور الجزائر

أوصى أكاديميون و مختصون في الإعلام و الصحة بإنشاء مؤسسة لليقظة الإعلامية الصحية كآلية وقائية لمواجهة التحديات الصحية الوبائية الطارئة، مع العمل على تنفيذ تطبيقات الذكاء الاصطناعي في المجال الصحي من خلال تعزيز الحوكمة الصحية .

كما دعا المشاركون إلى ضرورة التنسيق بين مختلف المؤسسات العمومية والهيئات الخاصة في التوعية والاتصال الرقمي القائم على استخدام الوسائط الجديدة في نشر المعلومات الصحية الصحيحة، فضلا عن ذلك دعوة وسائل الإعلام بمختلف أنواعها إلى نشر الثقافة الصحية و الجنوح نحو استخدام التحليل و التفسير في تناول المواضيع الصحية من أجل تحقيق جودة الحياة الأسرية، خاصة ما تعلق ببعض الظواهر الاجتماعية منها المخدرات الإلكترونية الرقمية، أيضا حث السلطات الوصية على التربية إلى دعم الوسط المدرسي بوسائل الإعلام التربوي ومنها الإذاعة المدرسية التي لها دور هام في التثقيف الصحي من خلال تلمسها لمشكلات التلاميذ في بيئتهم المجتمعية والثقافية.

جاء ذلك في ختام أعمال الملتقى الدولي حول اليقظة الإعلامية الصحية الذي نظمه مخبر وسائل الاتصال و الأمن الصحي برئاسة البروفيسور “عائشة بوكريسة “يومي 5 و6 من ديسمبر الجاري بالمعهد العالي للمناجمنت بالشراقة الجزائر، بحضور أساتذة و باحثين و مدراء مخابر من جامعات وطنية و أجنبية، إضافة إلى شخصيات من مختلف الهيئات الرسمية و الخاصة إلى جانب مدراء الشركات الراعية للملتقى.

مداخلات متنوعة تجمع على أهمية تعزيز الصحة و الرفاهية

هذا، و قد تنوعت المداخلات خلال يومين كاملين من الجلسات العلمية و الورشات الحضورية و عن بعد، ومنها مداخلة البروفيسور “عبد الحق لعميري” الذي قدم مفهوم التنمية المستدامة و بين دور الأطراف الفاعلة فيها في تحقيق نوعية حياة أفضل للأجيال القادمة و تعزيز وعي السكان بالمشكلات البيئية القائمة وتحقيق استغلال و استخدام عقلاني للموارد، مع الوقوف عند التحديات التي تعرقل تحققها على أرض الواقع. و ارتأت الدكتورة “كريمة سعودي” في مداخلتها المعنونة ” دور الوعي الصحي الجمعوي في الوقاية من الأمراض” التركيز على الطب الشمولي ودوره في حماية الإنسان من كثير الأمراض و أهمية الإعلام في مرافقة و توجيه الإنسان لتبني سلوكات تخص الصحة الجسدية و النفسية و مدى ارتباط ذلك بطريقة التفكير و تقدير الذات.

و دعا الطبيب “حذيفة فروخي و الأستاذ “زين العابدين جبارة” في مداخلة ثنائية موسومة ” الطب النفسي للأطفال ووسائل الإعلام – التحدي الواجب رفعه” إلى ضرورة المعالجة الإعلامية الموضوعية في تناول مواضيع مثل الانتحار بعيدا عن الانفعالات التي قد يتماهى معها المتلقي و تسهم في تفشي الحالات ، كما أشار إلى إلزامية حماية الصحفي من التأثر في حالة تغطيته للحوادث حتى لا ينقل ذلك التأثير لعموم السكان هذا من جهة، من جهة أخرى تم عرض دراسة عن الصحة العقلية و النفسية للطفل في القنوات التلفزيونية من خلال برامج عامة و خاصة في الفترة الممتدة من 1 جانفي إلى 1 ديسمبر من عام 2023 و التي أسفرت عن عدة نتائج منها أن مواضيع الصحة العقلية للأطفال بلغت نسبة 11,11% بالنسبة لبرنامج إرشادات طبية، وهي نسبة ضئيلة شملت مواضيع مناسباتية مرتبطة بالأيام الصحية العالمية مثل اليوم العالمي للتوحد، اليوم العالمي لمتلازمة داون و مواضيع ذات صلة غير مباشرة كالتوتر و الضغط النفسي في فترة الامتحانات و اضطرابات التعلم و الإدمان عند المراهقين و حملات الوقاية، بالمقابل ارتفعت نسبة البرامج الصباحية و الاجتماعية التي خصصت حجما ساعيا أكثر من الحصص المتخصصة من خلال مشاركة مختصين أو تقارير صحفية، ومن أهم ما أوصت به الدراسة العمل على التنسيق بين الأطباء و الصحفيين لمساعدة الأولياء على حسن التعامل مع الاضطرابات الموجودة لدى الطفل و المراهق.

فيما أظهرت مداخلة الباحثة التونسية “سنا كمون” أهمية توظيف الموسيقى لتحقيق مكاسب نفسية وصحية و أن الأمر على صعيد التعليم الرسمي يحتاج إلى تكوين متخصص و لعب وسائل الإعلام دورها المنوط بها، و مثلت لأثر الموسيقى الإيجابي للأطفال المصابين بالتوحد الذين تجاوبوا مع تلك الحصص مستندة لأبحاث أجراها الطلبة في بعض مراكز العلاج و المستشفيات، هذا و قد نبهت إلى أن الأمر يخضع للموافقة الطبية خاصة أن بعض الحالات تزيدها الموسيقى توترا و اضطرابا مع وجوب مرافقة الأولياء بالدعم النفسي.

هذا، و قدمت الباحثة “نوال مبتوش” من جامعة الجزائر3، جدوى اليقظة المعلوماتية باعتبارها عمل جماعي قائم على الاستمرارية و منح المعلومة الصحيحة للشخص المناسب لاتخاذ القرار الصائب في الوقت المناسب، إلى جانب اللمسة الإبداعية و الأهداف المصاحبة لها.

من جهتها، تناولت الباحثة “دليلة قدور” في مداخلتها الموسومة حول الإذاعة المدرسية ودورها في نشر التثقيف الصحي لتلاميذ المرحلة الابتدائية: مدرسة الشهيد لعور الوناس بولهيلات بباتنة أنموذجا، أهمية الإذاعة المدرسية في نشر التثقيف الصحي لدى مرحلة التعليم الابتدائي، باعتبارها من أهم وسائل الإعلام التربوي في البيئة المدرسية، بحيث تضطلع بتزويد التلاميذ بأكبر قدر ممكن من المعلومات الصحيحة و الحقائق المتعلقة بالمجال الصحي. ومن بين النتائج المتوصل إليها في هاته الدراسة المسحية التي اعتمدت على أداتي تحليل الموضوع و المقابلة أن موضوع التثقيف الصحي ليس له حيزا كبيرا من اهتمامات الإذاعة المدرسية محل الدراسة فلقد تجسد في سبعة مواضيع من مجموع 60 موضوعا أي بنسبة 11,66% ، و فيما يتعلق بالفكرة المحورية لمواضيع التثقيف الصحي، فلقد شكل الاهتمام بأفات العصر ممثلة في ظاهرة التدخين و آفة المخدرات أعلى نسبة 28,57%، إضافة إلى موضوع الصحة الجسدية فلقد حاز نفس الاهتمام من خلال تناول موضوعي التسمم الغدائي و الكشف المبكر عن سرطان الثدي، و بنسبة متماثلة أيضا لمعلومات عامة عن جسم الإنسان من خلال فقرتي هل تعلم و سؤال و جواب. لتعرف المواضيع المتبقية نفس النسبة 14,28 % والمتمحورة حول موضوع الصحة النفسية والصحة البيئية إضافة إلى موضوع الحوادث و السلوكات الصحية.

أبرزت الدراسة أن التمثيلية كانت الشكل الأكثر استخداما في تقديم المحتوى الإذاعي المدرسي بنسبة 30 بالمئة، يليه المقال بنسبة 20 بالمئة ثم باقي الأشكال بنسبة 10 بالمئة من القصة والفقرة الحرة والحوار وفقرتي هل تعلم وسؤال وجواب. أما من ناحية استخدام اللغة فلقد كانت النسب متشابهة 50% بين اللغة الأدبية واللغة الإعلامية. وفي الأخير قدمت الباحثة عدة مقترحات من ضمنها دعوة السلطات الوصية على قطاع التربية لتعزيز الإعلام التربوي في الوسط المدرسي خدمة للثقافة الصحية و المساعدة على بناء الإنسان و تحقيق رسالة التربية، مع ضرورة المعالجة المتوازنة الموضوعية لمختلف جوانب التثقيف الصحي عبر الإذاعة المدرسية من خلال تلمس مشكلات التلاميذ وبيئتهم المجتمعية والثقافية.

وفي دراسة أخرى، نوهت الأستاذة ” جازية بن رابح” بالدور الهام لسبر الآراء في المجال الصحي خاصة في مجال الوقاية و التخطيط و التقويم و مساعدتها للسلطات و اعتمادها أساسا على جمع المعلومات التي ينبني عليها تحليل و تأكيد و توجيه و تغذية راجعة و تخطيط وتسويق و إعادة توجيه لفئات المجتمع المختلفة كل ذلك من أجل مراقبة و تحسين الصحة العامة بالدرجة الأولى و لا يخفى دور الإعلام في ذلك.

وتمحورت مداخلة كل من الباحث “رشيد زعبوط” و الباحثة ” بلبليدية فتيحة نور الهدى” حول “دور المهنيين الصحيين في تعزيز الإجراءات الوثائقية خلال جائحة كورونا- دراسة ميدانية بالمؤسسة الاستشفائية يوسف دمرجي تيارت، و التي تم التأكيد فيها على دور المهنيين الصحيين كمشاركين فاعلين في نشر الوعي و التثقيف الصحي بين أفراد المجتمع و تحديدا المرضى.

كما سلطت الضوء مداخلة الأستاذة “زينب خلايفية” و الباحث ” وليد سالم” على سياسة وزارة الصحة الجزائرية في مجابهة المعلومات المضللة خلال أزمة كورونا وهذا عبر وسائط الإعلام الجديدة و تحديدا الفايسبوك من خلال تحليل الصفحة الرسمية لوزارة الصحة الجزائرية زمن وباء كورونا.

إلى جانب ذلك، قدم كل من الباحث “مولاي زكرياء” و الأستاذ “زين العابدين جبارة” مداخلة حول الإعلام و الاتصال في ترقية الأمن الصحي و اليقظة الصحية عبر الحدود في الجزائر ، في محاولة للكشف عن دور مختلف وسائل الإعلام في خلق الوعي الصحي بين مختلف أفراد المجتمع بغرض تحذيرهم من خطورة الأمراض و الأوبئة و توعية فئات المجتمع بالقيم الصحية المستوحاة من ثقافة و معتقدات المجتمع، ومن ثم تحسين نوعية الحياة لكل من الفرد و المجتمع، و كذا التعرف عن مصادر و أساليب رفع المستوى الصحي للمستهلك الجزائري، و قد جاء ت المداخلة وفق أربعة محاور هي مقارنة التشريعات التي تناولت مفهوم الأمن الصحي و اليقظة الصحية، أدوات إيصال التربية الصحية و مجالاتها، علاقة اليقظة الصحية بالإعلام و دور الجمارك الجزائرية في حماية الأمن الصحي و سلامة المستهلك الجزائري من خطر بق الفراش، هذا الأخير الذي شدد على دوره في تعزيز المراقبة الوبائية على مستوى المطارات و الموانئ و المواقع البرية والبضائع المشبوهة مع تثمين التعاون و التنسيق بين مختلف القطاعات تحسبا لأي تطور وبائي و تطبيقا للوائح الصحية الدولية.

أشير إلى أن الملتقى الدولي حول اليقظة الإعلامية الصحية أشرف على انطلاقه مدير جامعة الجزائر 3 البروفيسور “خالد رواسكي” الذي أشاد في كلمته الافتتاحية بأهمية اليقظة الإعلامية الصحية أمام التهديدات و المخاطر الوبائية الراهنة و بضرورة يقظة وسائل الإعلام، و أثنى على ديناميكية مخابر جامعة الجزائر 3 والحرص على مرافقتها و تعزيز دورها للنهوض بالجامعة الجزائرية.

من جهتها، ذكرت مديرة مخبر وسائل الاتصال و الأمن الصحي البروفيسورة “عائشة بوكريسة” أهمية اليقظة الإعلامية الصحية في تحقيق حياة آمنة و إقامة استراتيجية فعالة في مجال الإعلام تتجاوز الدور التبليغي إلى المحافظة على الوجود الإنساني. أما رئيسة الملتقى الدكتورة “أمال بدرين” قالت إن الاهتمام باليقظة الإعلامية الصحية من قبل كلية علوم الإعلام و الاتصال بجامعة الجزائر 3 يأتي للمرة الثالثة على التوالي وهو أمر يفرضه الوضع الإعلامي الصحي .

 في حين، اعتبر مدير معهد المناجمنت بالشراقة ” عبد الكريم حماني” أن الملتقى الدولي عن اليقظة الإعلامية الصحية ماهو إلا بداية شراكة قوية بين مخابر جامعة الجزائر 3 . فيما ارتكز تدخل ممول التظاهرة العلمية السيد ” جابر باعمارة” مسؤول التسويق بمؤسسة تكنو على دور مؤسسة تكنو في المساهمة الإيجابية في محيطها من خلال مشاركتها في الأنشطة التحسيسية الهادفة إلى نشر الوعي الصحي.

الطفولة تصنع البهجة و الأماني الجميلة في أمسية الاختتام

هذا، وقد تم خلال أمسية الاختتام عرض فني للفنانة عليو صالح عرفة المدعوة نجوى رفقة أطفال جمعية النور لأطفال التوحد بعين البنيان لولاية الجزائر وهم “عمر معمري”، مايلة أيت حسن” ،” عبد المالك حبوشي”، و ” محمد ريان بلوناس” الذين صنعوا جوا من البهجة و السرور أدهش الحضور في لحظات من الأحاسيس الجميلة بحلوها و مرها من خلال الأغاني التي رددوها عن عالمهم الجميل العامر بالمحبة وأحلامهم البسيطة، عن الجزائر و أرض فلسطين، و عن صرخاتهم المدوية لما يحدث لأطفال فلسطين في أغنية صرخة الأطفال التي هزت القاعة و ضج الحضور بالبكاء والترديد معهم بتلقائية فنية، فضلا عن إلقاء قصيدة لحظة فرح للأستاذة آنسة براهنة. لتختتم فعاليات الملتقى الدولي بتكريم المشاركين وأخذ الصور التذكارية على أمل أن تلقى مخرجاته سبلا لتفعيلها على أرض الواقع.

 

 

 

 

 

 

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى