الليرة التركية تهوي إلى مستوى قياسي جديد.. هل ستنجح الحكومة الجديدة في لجم التضخم وارتفاع الأسعار؟!
بقلم / محمد السيد
منح الرئيس رجب طيب اردوغان الملف الاقتصادي أهميةً كبيرة في برنامجه الانتخابي طوال الأشهر الماضية، وكان الوعد بمكافحة التضخم على رأس أولوياته، إذ شدّد في خطاب النصر “الشرفة” على محاربة ارتفاع الأسعار الناجم عن ارتفاع التضخم وارتفاغ سعر صرف الدولار واصفا ذلك ” بالأولوية القصوى”.
ولكن رغم ذلك هوت الليرة التركية سبعة بالمئة يوم الأربعاء (7 حزيران 2023) إلى مستوى قياسي جديد، وسط أكبر عمليات بيع للعملة منذ الانهيار التاريخي في عام 2021، إذ بدا أن الحكومة التركية الجديدة تخفف إجراءات تحقيق الاستقرار، بعد أن لوحت بالتحول إلى سياسات تقليدية على نحو أكبر.
ومن جانب آخر، رأى خبراءٌ أن المعيَّن لمنصب وزارة المال محمد شيمشك هو رجلُ الاقتصاد القوي، إذ يتمتع بسمعة دولية جيدة وخبرة عالية، وقد حمل خطابه خلال تسلّمه الوزارة من سلفه نور الدين نباتي العديد من الرسائل المهمة في هذا السياق، إذ أكد ضرورة الاتجاه نحو “أرضية عقلانية” لحل المشاكل الاقتصادية، مشدداً على أن “الشفافية والاتساق والقدرة على التنبؤ والامتثال للمعايير الدولية ستكون مبادئنا الأساسية في تحقيق هدف زيادة الرفاه الاجتماعي”.
وتبشر عودة شيمشك، الذي كان وزيرا للمالية ونائبا لرئيس الوزراء في الفترة من عام 2009 إلى 2018، إلى الابتعاد عن التخفيضات غير التقليدية في أسعار الفائدة، والتي جرى تطبيقها على الرغم من ارتفاع التضخم وتسببت في فقد الليرة لأكثر من 80 بالمئة من قيمتها في خمس سنوات.
وتترقب الأسواق أيضا تعيين محافظ جديد للبنك المركزي التركي ليحل محل شهاب قاوجي أوغلو الذي قاد عمليات خفض أسعار الفائدة في ظل سياسات أردوغان غير التقليدية. وتدخلت السلطات بشكل مباشر في أسواق العملات الأجنبية إذ لجأت لعشرات المليارات من الدولارات من الاحتياطيات للحفاظ على استقرار الليرة معظم هذا العام. ويتوقع بعض المحللين تراجع الليرة إلى نطاق بين 25 و28 مقابل الدولار.
يُذكر أن الرئيس أردوغان، أكد في كلمة له عقب أول اجتماع مع وزرائه بالحكومة الجديدة الثلاثاء 6 حزيران، أنهم عازمون على خفض التضخم إلى فئة الآحاد، لافتاً إلى أن التضخم سجل تراجعاً في أيّار الماضي، إذ انخفض إلى ما دون 40% لأول مرة منذ 17 شهراً.
تركيا التي نجحت طوال السنوات القليلة الماضية، في مواجهة أزمتي الطاقة والغذاء العالميتين، إلى جانب أزمات الإمداد والوباء والحرب (بين أوكرانيا وروسيا)، تستعد الآن لتطبيق سياسة أولوية التضخم. فهل ستنجح؟