بريد القراء

انتهاكات وجرائم المستوطنين لن تزيد شعبنا إلا إصراراً على التمسك بأرضنا ومقدساتنا

انتهاكات وجرائم المستوطنين لن تزيد شعبنا إلا إصراراً على التمسك بأرضنا ومقدساتنا

بقلم د. وسيم وني / مدير مركز رؤية للدراسات والأبحاث في لبنان

نطرة عن كثب على واقع الاستيطان في فلسطين المحتلة تظهر أبرز سماته القائمة على أساس إرهاب وجرائم قطعان المستوطنين ضد أبناء شعبنا الفلسطيني وقض مضاجعهم وتنغيص عيشهم وتعكير صفو أمنهم ، فكل هذا الإرهاب المنظم برعاية ومساندة كافة الحكومات الإسرائيلية المتعاقبة والكنيست والقضاء والشرطة والحاخامات، حتى أضحى إرهاب المستوطنين منظماً بشكل واضح ولافت ويمارس بحماية جنود الاحتلال وتقف خلفه مجموعة من التنظيمات الاستيطانية الإرهابية التي تعتبر ببيئة حاضنة لهم لينشروا إرهابهم على كامل الأرض الفلسطينية، لتصبح هذه التنظيمات أحد مكونات إرهاب دولة الاحتلال وأذرعها الضاربة ضد أبناء شعبنا الفلسطيني أرضًا وشعبًا ومقدسات، ويظهر ذلك بشكلٍ واضح من خلال اتساع دائرة المنظمات الإرهابية المتطرفة من حيث العدد والنفوذ وسلسلة الجرائم المتزايدة والتي تستهدف الكل الفلسطيني لإجبارهم على ترك أراضي آبائهم وأجدادهم لثلة من قطاع الطرق وشراذمه العصر .

جرائم المستوطنين بحق شعبنا الفلسطيني تنوعت وتعددت اعتداءاتهم ضدهم فطالت ممتلكاتهم ومقدساتهم وشملت عمليات القتل ومصادرة الأراضي والسيطرة عليها بالقوة، وتقطيع الأشجار وحرقها، وإعطاب إطارات السيارات، والاعتداء على منازل المواطنين ودور العبادة ومؤسسات التعليم، وتخريب المنشآت والمعدات، وخطّ شعارات تحريضية عنصرية معادية للفلسطينيين على مرآى ومسمع العالم بأسره بما فيهم من يتغنى بالحرية والديمقراطية وحقوق الإنسان ولكنهم عندما يتعلق الأمر بالانتهاكات والجرائم الإرهابية بحق شعبنا، فان هذه الدول لا تحرك ساكنا بل و تغض الطرف عن هذه الجرائم ، و تمد كيان الاحتلال بكل المقومات وتشجعه على جرائمه ما دام هذه الكيان يحافظ على المصالح الغربية في المنطقة العربية عامة وفي فلسطين خاصة التي تعد بوصلة الصراع في المنطقة .

وتُعد زيادة البناء في المستوطنات، وبناء مستوطنات جديدة، تحت غطاء توسيع المستوطنات القائمة، وإنشاء البؤر الاستيطانية، وزيادة عدد المستوطنين من قبل الحكومات المتعاقبة والحالية ، يوضح أن الحكومات الإسرائيلية تواصل جهودها لتغيير التوازن الديموغرافي في الأراضي الفلسطينية المحتلة ، وقضم أراضٍ فلسطينية بذرائع وحجج واهية، وبذلك وضع صعوبات ومنع أي إمكانية لتفكيك المستوطنات في أي تسوية سياسية مستقبلية، فهذه السياسيات توضح بأن الكيان الإسرائيلي يعمل أيضاً على فرض الحقائق على الأرض، وتثبيت الوضع الراهن، مما يساهم في استدامة وتعزيز الاحتلال، والسيطرة على الأراضي الفلسطينية ولتحقيق ذلك؛ يستعين الكيان و يتواطأ مع العنف الذي يمارسه المستوطنون ضد أبنا شعبنا الفلسطيني مستغلين حالة منطقتنا العربية والافلات من العقاب، وتساهل المجتمع الدولي معه والدفاع الاميركي والغربي عنه من أجل تنفيذ المزيد من سياسات الهيمنة والمزيد من ارتكاب الجرائم بحق شعبنا لإفراغ الأرض من أهلها والسيطرة التامة عليها بدون وجود شعبنا عليها رغم أنهم أصحاب الأرض والبلاد الأصليين والحقيقيين.

فغياب تطبيق القانون والردع في وجه الجرائم الأيديولوجية التي يرتكبها الكيان الإسرائيلي ضد شعبنا ومقدساتنا يسمح بارتكاب المزيد من الجرائم تجاهه، ويُضاف إلى ذلك أن سياسة تطبيق القانون ينتهجها الكيان ضدّ عنف المستوطنين تُبطل أي إمكانية ردع ضد المجرمين ومحاسبتهم، وكل ذلك يشير إلى أنّ كيان الاحتلال شريك أساسي مع قطعان المستوطنين في العنف الموجه ضد شعبنا الفلسطيني، بل وهو مسؤول بشكل مباشر عنه ، وأمام هذا الواقع المرير والذي تشهده الأرض الفلسطينية المحتلة وأمام استغلال حال الصمت الدولي، فإنه ليس أمام شعبنا سوى مواصلة الصمود والنضال في مواجهة قطعان المستوطنين المدعومة من قوات الاحتلال التي تساعدها وتغطي على جرائمها و تشاركها في هذه الجرائم.

ختامًا فإن جرائم قطعان المستوطنين المستمرة ضد شعبنا الفلسطيني، ومواجهة مخططاتهم الاستيطانية في الضفة والقدس تستوجب إلزام العالم أجمع لكيان الاحتلال بتنفيذ قرارات الشرعية الدولية ووقف السياسات العنصرية التي تنتهجها حكومة التطرف الإسرائيلية بحق شعبنا الفلسطيني الأعزل من قتل وترهيب واعتقال وتهجير وتدنيس للمقدسات وإرغامه على الرحيل عن أرضنا التي يعتبرها كيان الاحتلال زورا وبهتانا بأنها يهودية في أكبر عملية تزوير للحقائق والتاريخ ، غير أن هذا الاحتلال لن يطول طويلا ، فشعبنا الذي قدم الشهداء والغالي والنفيس والذي لا يزال يقدم المزيد منها على مذبح قضيته الوطنية ، سيدحر جميع هذه الاهداف والمشاريع الإرهابية ويرغم الاحتلال على الرحيل عن أرضه طال الزمان أم قصر فانتهاكات وجرائم المستوطنين لن تزيد شعبنا إلا إصراراً على التمسك بأرضنا ومقدساتنا .

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى