بريد القراء

العدو الاسرائيلي وسلاح المقاومة، نموذج، عدوان تموز ٢٠٠٦.

علي شفيق صبرا باحث وكاتب قانوني دكتوراه قانون دولي

نُفِّذَ العدوان الاسرائيلي على لبنان في مرحلة مفصلية من تاريخ منطقة تعج بالصراعات والمشاريع والاستحقاقات. وبصرف النظر عن الاهداف الحقيقية غير المعلنة للعدوان يبدوا ان ترابطا قويا بين العديد من الأسباب التي سرّعت تنفيذه، وعجلت في كشف المستور من اوراق الاطراف الفاعلة فيه. وعليه فان البحث الموضوعي في الاسباب والنتائج يستلزم المزيد من التدقيق للوصول برؤية واضحة وحاسمة لما يمكن ان تكون عليه الامور في المرحلة القادمة.
وفي ١٢ تموز/يوليو ٢٠٠٦ شنت المقاومة الإسلامية عملية عسكرية أطلق عليها اسم عملية الوعد الصادق، ادّت الى أسر جنود صهاينة، فما كان من العدو الاسرائيلي الا ان ردّ بعدوان غاشم على ما قامت به المقاومة، والذي لا يتفق مطلقا مع مبادئ القانون الدولي الانساني.
فقد تبين من طبيعة عمليات القصف الجوي، والبري، والبحري على اهداف مدنية، ان الوسائل العسكرية التي استخدمتها اسرائيل لا تتناسب مع خطورة عملية خطف الاسيرين التي لا تشكل تهديدا لامن اسرائيل ولا للامن والسلم الدوليين.
وثبت ان تلك العمليات انتهكت كل حقوق الإنسان التي ضمنتها المواثيق والاتفاقات الدولية.
فقد انتهكت اسرائيل مبدأ حالة الضرورة العسكرية لان حربها على لبنان لم تكن مستندة الى سبب قانوني مشروع طالما انها ما تزال تحتفظ بأسرى في سجونها من دون وجه حق.
ثم ان خطف الاسيرين يعتبر عملا مقاوما مشروعا تجيزه شرعة الامم المتحدة. أما وسائل التدمير الهائلة التي استخدمتها اسرائيل تنطوي على نية تدمير لبنان وتدمير بناه التحتية.
ان ما حدث في ١٢ تموز لم يكن وليد ساعته وردة فعل عادية على قيام المقاومة بأسر الجنود الاسرائيليين، بل كان جزءا من المخطط الذي يحظى بمباركة بعض الدول العربية والاوروبية، وجزء من اللبنانيين.
يهدف هذا المخطط الى تهميش حزب الله تمهيدا لسحب سلاحه عن طريق الحوار الداخلي.
وعندما اصبح واضحا ان الحوار لن يؤدي إلى النتيجة التي ترغب فيها بعض الاطراف المحلية، والدول العربية والاوروبية، بل سيؤدي الى اعتبار اسرائيل دولة عدوّة ووضع استراتيجية دفاعية شاملة لمواجهتها، جاء الدور على إسرائيل لتنفذ قرار سحب سلاح المقاومة بالطريقة العسكرية تحت غطاء دولي عربي لبناني داخلي ظهر جليا في مواقف بعض الاطراف اللبنانية الداخلية وتصريحاتها التي امتنعت عن تحميل اسرائيل المسؤولية عن العدوان بل اعتبرت ان حزب الله ينفذ اجندة غير لبنانية.
اما المواقف العربية فبدأت باتهام حزب الله بمجموعة من المغامرين وهي إشارة البدء برفع الغطاء العربي عن المقاومة وتبرير العدوان الاسرائيلي.
ان العدوان الغاشم التي شنته اسرائيل على لبنان والدمار الهائل التي احدثته في بناه التحتية، والدور السكنية، والمستشفيات، والمدارس، وشبكة الاتصال والكهرباء، وتهجير مئات الاف العائلات يجعلنا نتسائل الى متى سيبقى العالم مسخرا في خدمة اسرائيل وتحقيق مصالها ومآربها؟ الى متى سيبقى الجلاد يكافأ ويعاقب المظلوم؟ الى متى سنبقى نتمسك بالقرارات الدولية وإسرائيل تضرب بها عرض الحائط؟ من مصلحة من تجريد المقاومة من سلاحها؟ هل ما فعلته المقاومة يتناسب مع ردة الفعل الإسرائيلية؟.
ففي الوقت الذي سعت فيه المقاومة الى تحرير الاسرى اللبنانيين من السجون الاسرائيلية، سعت فيه إسرائيل الى تقييد حرية حزب الله في استخدام السلاح وعدم تزويده من جديد بالاسلحة وحمّلت المسؤولية للحكومة اللبنانية في فرض سيادتها على الأراضي اللبنانية كافة ونشر الجيش اللبناني ونزع سلاح الميليشيات من بينهم سلاح المقاومة التي تعتبره من وجهة نظرها اي “اسرائيل” سلاح ميليشيات وعدم انتشار غير السلاح الشرعي – اي سلاح الجيش اللبناني – عن طريق اصدار القرار ١٧٠١، وهذا يتنافى مع ميثاق الامم المتحدة الذي نص على احقية الشعوب تقرير مصيرها وتحرير الارض من المحتل.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى