أخبار النبطية
الشيخ صادق في خطبة استقبال شهر رمضان المبارك : ندعوا الأحزاب المنهمكة هذه الأيام بأنشطةٍ انتخابية محمومة أن تصرف جهدها حيث يُجدي!
توجه سماحة الشيخ عبد الحسين صادق (حفظه الله) إمام مدينة النبطية بكلمة في استقبال شهر رمضان المبارك، و قد جاء فيها :
يجدر بنا ـ وقد حلّ بيننا شهر الله المعظّم ـ أن نستقبلهُ ونعيش أيامهُ المباركة بما يليق بهِ مِن حفاوةٍ وإجلال وتوقير بأن نرعى حُرمة هذا الشهر ونحافظ على مظاهر الصيام ونراعي مشاعر الصائمين بإسدال الستائر على واجهات المطاعم مثلاً وعدم التجاهر في الإفطار، وأن نوشح مدننا وبلداتنا وبيوتنا بزينةٍ متواضعةٍ تسمح بها الضائقة التي نعيشها اليوم لنربط قلوب أبنائنا وصغارنا بشعائرنا الدينية وقيمها وتعاليمها الوضّاءة.
وأهم من ذلك تصفيةُ النفْسِ من شوائب الذنوب مع دخول الشهر الشريف بالإستغفار والتوبة ـ استعداداً لأداء الفريضة المباركة بحبٍّ وإقبال، بل وإقرانها بما يزينها ويزيد في ثوابها من أدعيةٍ وأعمالٍ والإنفتاح على قراءة القرآن المجيد والتدبّر في آياته وما تحمل من حِكمٍ ودروس وعِبر وحقائق علمية أبهرت عقول المفكّرين في كلّ زمان ومِن كلّ ثقافة.. ثم أن نتخطّى أداء فريضة الصوم المباركة بقواعدها الفقهية ـ على أهميتها وضرورة رعايتها ـ بأن ندخل عمق الفريضة وجوهرها الروحيّ والإنساني الرحب من تحسّس ألم الفقير والتحنّن على اليتيم، وبرّ الوالدين ، وصلة الأرحام، والتخفيف عن المستخدمين في البيوت وأماكن العمل، وحِفظ اللسان، وإبعاد العين والأذن وبقيّة الجوارح عن محارم الله عزّ وجل، والحذر من إضاعة الوقت في توافه الأمور، بينها مسلسلات التلفاز وما يُدَسّ في أكثرها من مشاهد وسموم.. ” أفضل الإعمال في هذا الشهر الورع عن محارِم الله” (الرسول الأعظم)
وانطلاقاً من عالَم هذه الفريضة المباركة وتعاليمها الهادفة ما أحوج مجتمعنا الكريم ـ من جهة ـ وفي ظلّ الأوضاع التي نعيشها الى التقارب والتواصل والتعاون فيما بينهم ـ نوادي وهيئات وجمعيات وبلديات وقوى سياسية وخيّرين الى اتخاذ اجراءاتٍ ميدانيةِ جادة من شأنها التخفيف عن أعباء وثقل المعاناة التي يكتوي بنارها الفقراء والأُسر العفيفة التي تفشّى عددها الى حدٍّ كبير في مجتمعنا، وتردّت احوالها المعيشية حدّ صعوبة تأمين ربطة الخبز.. فهنيئاً لمن وُفِق في شهر الخير والرحمة لمواساة أهلهِ وأبناء جِلدته والضائقةُ تقهرهم فـ”خير الناس مَن نفع الناس وأدخل على أهل بيتٍ سروراً”.. وما أتعسنا لو تقاعسنا وتوانينا وشغلتنا عن ذلك اهتماماتنا وشؤوننا الخاصة.. ناصحاً بمودّة باعة المواد الغذائية والخضار واللحوم، خاصة كبار التجّار منهم، أن لا يستغلوا وفرة الطلب على المواد فيرفعوا أسعارها أكثر مما هي فيه من غلاء فاحش، فيراكموا ثرواتهم ويجوع الناس، وأن لا يكونوا هُم والسُلطة الفاسدة على هذا الشعب : ” إن الله لا ينظر الى أهل قريةٍ فيها جائع”.
ومن جهة أخرى كم سيوقظ شهر رمضان المبارك، شهرُ الأمجاد والإنتصارات الإسلامية، من مشاعر الرفض والإباء والكرامة المجروحة في نفوسنا حيال مواقف الذُلّ والمهانة التي اتخذها بعض الحُكّام العرب باستضافتهم على الملأ رموز العدوّ الصهيوني.. وفي سياقها المشرّف تأتي عمليات الإستشهاد التي يتوالى تنفيذها بجرأة وشجاعةٍ شباب فلسطين، توّجها الشهيد ضياء حمارشة، في عمليتهِ الأخيرة ليؤكد أن الحق أقوى من السلاح والظلم مهما طال زمن النضال وأن الأوطان أغلى عن أبنائها الأحرار من الدماء والأرواح.
داعين الأحزاب والكتل النيابية المنهمكة هذه الأيام بأنشطةٍ انتخابية محمومة أن تصرف جهدها حيث يجدر ويُجدي بتنقية سلوكها من الفئوية والتعصّب والتبعيّة واجسامها من الفاسدين، وأن تقدّم الحلول الجريئة والملموسة للملفّات المتراكمة كالكهرباء والمياه والطبابة والتعليم وغيرها.. لا أن تعمّي على الحقائق بالحصص والخدمات الآنية التي تتلاشى بعد الانتخابات ليعود الحال كما كان ولا يزال منذ عقود!
فلنتواصل بحبّ ـ افراداً ومجتمعات وأُمّة ـ في شهر الله العظيم وننهل فريضته المباركة وتعاليمه ودروسه وقيمهِ وآدابه ما نُصلح به حاضرنا البائس، ونبني مستقبلنا المشرّف الزاهر.