ثقافة وفن

الاستيطان والتوسع به لن يحقق الأمن والسلام لكيان الاحتلال

بقلم د. وسيم وني – مدير مركز رؤية للدراسات والأبحاث في لبنان

لا توشك أن تغيب شمس يوم دون أن نرى ، أو نسمع ، أو حتى نشاهد سلطات الاحتلال الهمجيّة وقطعانها من المستوطنين وهم يقومون بتجريف وسرقة أراضينا المحتلة بهدف زرع المزيد من المستوطنات الجديدة فيها ، وخاصة في الضفة الغربية والقدس الشريف ، إضافة إلى بناء كتل استيطانية جديدة وسرقة وقضم أراضِ فلسطينية في مناطق مختلفة ، والهدف الرئيس من ذلك زيادة قطعان المستوطنين ، والمغالاة بالضغط على أبناء الشّعب الفلسطيني أصحاب الأرض لدفعهم في النهاية إلى التخلي عن أرضهم والرحيل عنها , أرض الأباء والأجداد .
هناك العديد من القرارات التي صادقت عليها سلطات الاحتلال لقضم الأراضي الفلسطينية وأخرها ما صدر يوم الخميس الماضي من مصادقة سلطات الاحتلال لإقامة حي استيطاني جديد فوق أراضي صور باهر المقدسية ، والتي تضم أيضاً أربعمائة وحدة استيطانية وذلك بهدف تغيير معالم فلسطين وتهجير أهلها .
نرى اليوم كيف ينشر هذا الكيان خلاياه السرطانية مستغلاً أزمة كورونا ومسارعة بعض الدول العربية إلى التطبيع معه ، فاليوم تجتمع إداراته المدنيّة للمصادقة على بناء خمسة آلاف كتلة استيطانية في عدة مستوطنات أُقيمت سابقاً في الضفة الغربية ، بما فيها مستوطنات أنشئت في القدس، وذلك بناء على توصية من رئيس وزراء كيان الاحتلال نتانياهو .
وهذه الممارسات الإرهابية عديدة ، لا تعد ولا تحصى لكيان الاحتلال وقطعان المستوطنين ، ففي الأيام الماضية أقدم قطعان المستوطنين على تسييج أراض فلسطينية في منطقة الأغوار ، وفي مشهد يمثل الإرهاب الهمجي قاموا أيضاً بمنع أصحاب الأراضي من الوصول إلى أراضيهم والهدف هو ضم تلك الأراضي لبناء المزيد من المستوطنات ، أو لاستخدامها لاحقاً في الزراعة لصالح المستوطنين والمستوطنات.
إن كل تلك الممارسات والانتهاكات وغيرها من الإعتداءات على أبناء الشعب الفلسطيني .. إضافة إلى اقتلاع الأشجار ، وإرغامهم على هدم منازلهم بأيديهم ، وسياسية الاغتيالات والإعتقالات ، والعديد من الممارسات الإرهابية التي لا تعد ولا تحصى لهذا الكيان ؛ تجري على مرأى العالم أجمع ومسمعه ، والذي بدوره لا يحرك ساكناً , بل يكيل بمكيالين ، ويكتفي بإصدار بيانات خجولة لا تردع ، ولا توقف هذه الممارسات ضد الشعب الفلسطيني وأرضه المحتلة .

وبالرغم من أن كيان الاحتلال يستمد جرأته للقيام بهذه الانتهاكات وغيرها من الإدارة الأمريكية كونه الطفل المدلل لها ، إلا ان ذلك لا يعفي المجتمع الدولي ممثلاً بالأمم المتحدة من القيام بواجبه في فرض عقوبات على كيان الاحتلال الذي يعتبر نفسه فوق الامم المتحدة وفوق أي قانون ، وأن القوانين والأعراف والقرارات الدولية لا تنطبق عليه ولا تعني له شيئاً ، كما أن ممارسات كيان الاحتلال ودعم الإدراة الأمريكية اللامتناهي له سيعرض الأمن والسلم العالمي للخطر ، لأن الشعب الفلسطيني لم ولن يتنازل عن حقوقه الوطنية الثابتة في حق العودة ، وتقرير المصير ، واقامة دولته المستقلة وعاصمتها القدس الشريف .
وأخيراَ إن ماشهدناه مؤخراً ، وما سيجري لاحقأً من القيام بعمليات تطبيعية عربية صهيونية تشكل ضرراً كبيراً ضد الشعب الفلسطيني ، وخدمة مجانية لكيان الاحتلال على حساب حق الشعب الفلسطيني بالاستقلال ، وإقامة دولته المستقلة وعاصمتها القدس الشريف ، كما سيدرك قادة العرب ممن يطبعون مع هذا الكيان أن هذه المحاولات المرفوضة من الشعوب العربية في كل مكان .. لن تفيدهم شيئًا ما دامت شعوبهم ترفضها، والشعب الفلسطيني الذي قدم التضحيات الجسام، لديه الاستعداد لتقديم المزيد منها على مذبح قضيته فقضيته ترفع من يرفعها , وتعزّه وتهوي بمن يتخلى عنها إلى الحضيض ، وتذلّه والاستيطان والتوسع به لن يحقق الأمن والسلام لكيان الاحتلال .

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى