الحاجّة آمنة جابر أم حسين… عميدة طبخة هريسة عاشوراء منذ نصف قرن
أحمد منتش – النهار
درجت العادة في مناسبة إحياء ذكرى عاشوراء كل عام، وخصوصاً في اليوم العاشر لمصرع الإمام الحسين، لدى أبناء الطائفة الشيعية في لبنان، أن تترافق إحياء الذكرى مع تفرغ واهتمام العديد من العائلات بطبخ أكلة تُعرف بـ”هريسة عاشوراء” توزع على أفراد العائلة والأقارب وصولاً إلى المارة على الطرق العامة، تعبيراً عن محبة الحسين وأهل بيته، ووفاءً وتضحيةً لروحه.
وتتميز طريقة وكمية طبخة الهريسة وطعمها من عائلة إلى أخرى، ففي بلدة ميفدون الجنوبية وقراها المجاورة في منطقة النبطية يتذكّر الناس فجأة قبل اليوم العاشر من محرم اسم الحاجة آمنة جابر أمّ حسين، بعد أن ذاع صيتها في المنطقة كأفضل سيدة تبرع في تحضير وطبخ أكبر كمية من هريسة عاشوراء وأطيب طعم ومذاق، منذ أكثر من نصف قرن، ويعتبرها البعض عميدة صانعي هريسة عاشوراء، ويأملون في الوقت ذاته دخولها إلى كتاب غينس، إن لجهة مواظبتها طوال 50 عاماً على طبخ أكبر كمية من الهريسة كل عام توزع على أكثر من 500 شخص، وإن لجهة طعمها ومذاقها وغناها بكل لوازمها من قمح نظيف ودجاج ولحم وليّة غنم وسمن بلدي.
في منزلها الملاصق للطريق العام في ميفدون تجلس الحاجة آمنة على كرسي وتراقب عن قرب بناتها الست وولديها الذين يأتون إلى المنزل صبيحة يوم العاشر ويتفرغون لطبخ الهريسة في دستين أو حلتين كبيرتين من النحاس، وخلال عملية الطهو تتذوق الحاجة طعم الهريسة وتبدي رأيها فيها قبل توزيعها على العائلة والناس.
وقالت لـ “النهار”: “تعلمت مهنة الطبخ ومن ضمنها الهريسة من والدتي في سن مبكرة، وبعد زواجي منذ أكثر من 52 عاماً وأنا أواظب وأحرص كل سنة في مناسبة ذكرى عاشوراء على طبخ الهريسة وتوزيعها على أفراد العائلة والأقارب والجيران، بداية عندما كنا نقيم في بيروت ومن ثم منذ وجودنا في ميفدون، ولكن بعد تقدمي في السنّ، إذ إن عمري أصبح 72 عاماً، تقاعدت عن القيام بأي عمل منذ سنتين وسلمت الأمانة إلى بناتي الست وولديَّ الإثنين، وهم يأتون من بيوتهم خلال إحياء ذكرى عاشوراء وخصوصاً في اليوم التاسع واليوم العاشر، ويقومون بتحضير هريسة عاشوراء، وبسبب وباء كورونا وارتفاع الأسعار بشكل جنوني هذا العام قمنا بتحضير حلّتين من الهريسة تكفي لنحو 500 شخص بعد أن كنا سابقاً نقوم بطبخ ثلاث حلات من الهريسة.
وأكدت جابر أنّه على الإنسان أن يفكر أنه يطبخ لنفسه وألّا يكون بخيلاً بل سخياً في أي طبخة أو أكلة يرغب فيها.