ثقافة وفن

العنصرية مرضٌ أم إرهابٌ واستعمارٌ وجرائم ؟! بقلم الدكتور عباس حسن وهبي

 إعداد د. عباس حسن وهبي
العنصرية لا تنتقل بالوراثة إنّما بسوء التربية ، فكُرْهُ الإنسان للإنسان بسبب دينه أو لون بشرته أو أصله لا يولد معه إنّما يُكتسب من محيطه المتخلف ، أو من نظامه السياسي العنصري القائم على الاستبداد والعنف والاستغلال… إذاً حسبما يتربّى المرء سواءٌ على الكره أم الحب والاحترام للآخر ينشأ ، ولا سيما أنّ الحبّ يعيش باطمئنان في قلب الانسان ويرنو إليه كما يرنو الندى لزهرة الصباح ! بينما الكره هو عالم الشوك الذي يقضّ مضجع الذات البشرية ويجعلها قلقة متوحّشة عدائية .
وبإيجاز العنصرية هي المعتقدات والأفكار المتعالية والقناعات والتصرّفات التي تُحاول فئات أو مجموعات من الناس أن ترفع من قيمتها على حساب الفئات الأخرى مرتكزةً على أمور مورّثة مرتبطة بقدرات الناس أو طباعهم أو عاداتهم ، معتمدةً في كثير من الأحيان على العادات ولون البشرة ، أو الثقافة ، أو مكان السكن أو اللغة أو المعتقدات .
كما أنّها تُسلّط بغير حقٍّ الفئات التي نصّبت نفسها وررفعت من شأنها من أجل التربص والتحكم بالفئات الأخرى في كينونتها ومصائرها و استلاب حقوقها وازدرائها بدون وجه حقٍّ . والعنصرية رافقت البشر منذ بداية الخلق على هذه الأرض ، و هي أحد أسباب الصراعات المستعرة من الفتنة ، والمسبّبة للحروب والنزاعات عبر التاريخ . وقد برزت على مرّ التاريخ تجارة الرقيق التي مورست على ذوي البشرة السوداء فجعلوهم عبيداً عنوةً وبلا مبرّر سوى لون بشرتهم السوداء التي زيّنهم الله بها ! و قد استندت هذه العنصرية إلى تُرّهاتٍ خبيثةٍ اعتمدت عليها ونذكر منها :لون البشرة على غرار ما نشهده حتى اليوم في الولايات المتحدة الأميركية ، و ما شهدناه في جنوب افريقيا
والملاحظ أن الأحداث العنصرية كانت وما انفكّت تطال كل الأماكن العامة ، وحتى على وسائل التواصل الاجتماعي حسب لجنة حقوق الانسان في جنوب افريقيا ، وهذا ما يبعث الخيبة والتذمّر عند ضحايا العنصرية و لا سيما السود…وكذلك فللقومية دور كبير في هذا الاطار حيث ارتكزت أسباب الحرب العالمية الثانية بالأخص على العنصرية الألمانية الهتلرية ، و هي منسوبة إلى القوم أو الجماعة التي تتصل ببعضها بصلات معيّنة كالقومية اليهودية ..9كما تلعب اللغة والمعتقدات كالرأي السياسي على غرار ما نشهده على الساحة اللبنانية من تعددات وتعصب و إمعان في تدمير الوطن، وكذلك الثقافات التي تختلف من بيئة الى بيئة ، ومن دولة الى دولة …وحتّى هناك من الصراع الطبقي الذي يفرض تشنّجاته بين مكوّناته من الطبقات الاجتماعية التي تتمترس وراء طبقتها ومصالحها ، حيث تصبح الطبقات الغنية هي المتسلطة والفقيرة هي التي تُسفك على مقصلة اللاعدل والقمع والاستبداد الخ…ومن المساوىء الكبيرة و من غدر الزمان و سخرية الأقدار أن يكون مقياس احترام الفرد ومعاملته مبنياً على مكانته الاجتماعية وليس على مقدار بذله وتضحياته وتقديماته كإنسان حرّ خلقه الباري في أحسن تقويم قائلاً في محكم كتابه :”لا فضل لعربيٍّ على أعجميٍّ إلّا بالتقوى”..و يهتمّ العرق بالخصائص البيولوجية بينما الإثنية تتجاوز ذلك ويتمركز اهتمامها بالأبعاد الثقافية والجوانب المادية المشكّلة للإنسان وهويته…
وأمّا التمييز العنصري فهو معاملة الناس بتفرقة وشكلٍ غير متكافىءٍ وتصنيفهم اعتماداً على انتماءاتهم الى عرق أو قومية معينة وانشاء جوّ عدائي. وهناك عدة أشكال للتمييز العنصري التي حرّمها القانون ونذكر من ذلك :التمييز المباشر عبر التعامل بأسلوب دوني تحقيري للآخر وتفضيل آخر عليه في المقابل. وقد يكون ذلك مباشراً ودون رادع ، ومن ذلك نذكر منع قومية أو طائفة معيّنة من الدخول الى مكان معيّن وغيرها…
والتمييز غير المباشر : عبر وضع قوانين وعوائق يتم تطبيقها على فئة معيّنة من المجتمع دون أخرى وبدون أي منطق مبرّرٍ ممّا يحدث خللاً في ميزان العدل ويُسبّب ضرراً لفئة ومنفعة للآخر على حساب الأول.. وللتمييز العنصري عدّة أشكال منها : التمييز الفردي والتمييز القانوني على غرار حرمان الأفارقة من حقوق الملكية والعمل ، وممارسة الحقوق الدستورية على غرار ما حدث إبّان الحرب الاهلية في جنوب اميركا . التمييز المؤسسي : حيث تستفيد مجموعات على حساب أخرى على غرار ما حدث ويحدث في لبنان عندما اندسّت الميليشيات في جسد الدولة وتحوّلت الى مافيات ترضي مجموعاتها على صعيد الوظائف والخدمات على حساب أكثرية الشعب اللبناني!
وحسب الورقة البحثية التي قدمتها الجامعة البهائية العالمية لمؤتمر دربان -جنوب افريقيا عن العنصرية والتمييز العنصري والخوف من ذوي البشرة السمراء حيث كان العنوان :”إنّ التفرقة العنصرية مرض لا يصيب البشرة بل يُصيب العقل البشري”! وقد وضع هذا المؤتمر يده على الجرح، وحسبه فإنّ الحل للتمييز والتفرقة العنصرية هي معالجة الأوهام العقلية التي أفرزت مفاهيم زائفة ،على مرّ ألآف السنين عن تفوق جنس على آخر من الأجناس البشرية .ففي جذور هذا التعصب العرقي تقبع الفكرة الخاطئة بأنّ الجنس البشري مكوّن من حيث الأساس من أجناس منفصلة وطبقات متعددة ، وأنّ هذه الجماعات البشرية المختلفة تتمتّع بكفاءات عقلية وأخلاقية و بدنية متفاوتة تستوجب أنماطاً مختلفة من التعامل..والحقيقة أنه لا يوجد سوى جنس بشري واحد في كوكب الحياة .وأكبر دليل على ذلك هو تفشّي فيروس كورونا الذي جعلنا نشعر في كل أنحاء المعمورة أننا أسرة واحدة ذات مصير مشترك وحتمي ، فتأمّل لو أنّ كوكباً آخر قد ارتطم بكوكبنا فهل نتائج ارتطامه سوف تميّز بين أسود وأبيض ! نعم إن العنصريين بحاجة الى غسل دماغهم والاعتراف بحقيقة واحدة هو أنّ الانسان يتشابه في ولادته ومماته كما قال فيكتور هوجو ، وأنه ابن الأرض الحامل للبعد الخامس الذي هو العقل والذي أثبته العالم المخترع حسن كامل الصباح والذي تعرّض لهذه العنصرية في الولايات المتحدة الاميركية يوماً عندما رفضوا انه عربي لأنه كان مخترعاً وعالماً متفوّقاً وزعموا أنه آري فلبس الكوفية العربية وقاد سيارته المكشوفة في نيويورك و من ثمّ طلب من خاله العلامة الشيخ أحمد رضا أن يرسل له شجرة العائلة التي وضعها في مكتبه درءاً للمزاعم…
نحن البشر جبلةٌ كيميائية كهربائية بيولوجية ، و في دراسةٍ تُقارن بيننا و بين الرئيسيات الأخرى تكتشف منطقة دماغية ذات صلة بالسلوك الاجتماعي ، ربما تُقدّم تفسيراً بيولوجياً للسبب الذي جعل أينشتين وحسن كامل الصباح وغاندي وشكسبيروغيرهم ينتمون إلى البشر وليس إلى الشمبانزي… و قالت برت ستيتكا عام 2018 :”خليط ٌ من مواد كيميائية دماغية قد يكون السبب الرئيسي الذي يجعلنا بشراً “. لما انتهى بنا المطاف كبشر دون الأنواع الأخرى المعروفة إلى الانفراد بعمليات معقدة مثل التفكير والعواطف والسلوك !؟ وعبر استعمال عدد من الباحثين لتقنيات متقدمة فقد رصدوا المواد الكيميائية التي تفرزها أدمغتنا ، و هذه المركّبات الكيميائية المعروفة بالناقلات العصبية هي الجزئيات الناقلة للاشارات والمسؤولة عن الوظائف الأساسية .ويكشف البحث عن أنّ أدمغتنا مقارنةً بأدمغة الرئيسيات العليا الأخرى تمتلك توليفةً فريدةً من الناقلات العصبية التي يُحتمل أن تكون قد أنتجت قدراتنا الادراكية المرتفعة…و قد قاد عالمان من علماء الأنثروبولوجيا هما سي أوين لافجوي ، و ماري آن راجانتيو نُشر في دورية “بي إن إيه إس. حيث قاما بقياس مستويات الناقلات العصبية في عيّنات من أدمغة البشر والشمبانزي والغوريللا والسعدان والقردة والتي مات أصحابها جميعاً لأسباب طبيعية.وقد قاسوا مستويات الناقلات العصبية في الجسم المخطّط وهو منطقة دماغية لها صلة بالسلوميات والتفاعلات الاجتماعية. وبالمقارنة مع الأنواع الأخرى التي اختبرت وُجد أنّ لدى البشر نشاطاً ملحوظاً لمادة الدوبامين الموجودة بمنطقة الجسم المخطّ corps striatum . وهو يساعد ضمن وظائف أخرى له على توجيه النشاط المرتبط بالمكافأة والسلوكيات الاجتماعية.ويسهم وجود الدوبامين في الجسم المخطّط تحديداً في القدرات والسلوكيات البشرية المتفردة مثل التكوين المعقّد للمجموعات الاجتماعية ، وأيضا الكلام واللغة بشكل جزئي.وُجد أيضاً أن لدى البشر والغوريللا والشمبانزي مستوياتٍ مرتفعة من السيروتونين بالمقارنة مع الرئيسيات الأخرى .و معروف أنّ ارتفاع مستويات السيروتونين في الجسم المخطّط يُعزّز التحكم الادراكي والاجتماعي ، ويُقلل أيضاً من العدوانية بينما يرتبط انخفاض مستويات السيروتونين بقصور تطور المهارات الاجتماعية .و يوجد ايضاً الخليط أيضاً الناقل العصبي أسيتيل كولين الذي يرتبط ارتفاع مستوياته بازدياد العدوانية …وقد وجد لافجوي وزملاؤه أنّ مستويات الأسيتيل كولين في الغوريللا والشمبانزي أعلى كثيراً من مستوياتها في البشر . و تقول راجانتي : “إنّ ارتفاع مستوى السيروتونين في الجسم المخطّط والذي يشترك فيه البشر مع القردة العليا ، يُحتمل أن يُضيف إلى المرونة الادراكية المطلوبة للتفاعلات الاجتماعية المعقدة. امّا انخفاص مستوى الأسيتيل كولين في البشر فهو يتوافق مع انخفاض عدوانيتنا بالمقارنة مع معظم القردةالعليا الأخرى.إنّها حقّاً منظومة متناغمة.”و يُخمّن الفريق أن ارتفاع مستويات الدوبامين في الجسم المخطط لدى البشر ربما يكون هو ما أدىّ إلى سلوكيات اجتماعية أرقى ، وربّما أدّى إلى الزواج الآحادي و هما الأمران اللذان ربما يكونان قد حسّنا فرص بقاء نسلنا وأفادا أسلافنا. ويشعر أعضاء الفريق أنّه بتعزيز السلوكيات الاجتماعية فإنّ نوع الشخصية المرتبطةبجسم مخطّط يسوده الدوبامين كما يسمونه ربّما يكون هو ما أفضى إلى انتخاب الأدمغة ذات الحجم الاكبر واللغةأيضاً.. وتشير البحوث إلى أنّ قدرتنا على التعاون وإبداء التعاطف – واللذين يعتقد أنّهما مهمان لنجاح البشر اعتمدت جزئياً على كبر الدماغ بالنسبة لحجم الجسم في أسلافنا من أشباه البشر وأنّ أليآت الانتخاب غير المرّحبة بالعدوانية داخل العشائر المبكرة قد سمحت لنا بأن نزدهر ..وتلك تُسمى “فرضية الاستئناس الذاتي” .و تعتقد راجانتي أنّ ما ظهر أولاً هو بصمتنا الكيميائية ، و هي التي سمحت بعد ذلك لأدمغتنا بأن تكبر في الحجم ، و تقول : تُوفّر اكتشافاتنا آلية توضّح كيف انتهت سلالتنا إلى امتلاك أدمغة كبيرة الحجم. وتقول أيضا : ” إنّ أنيابنا الصغرى يمكن أن يُنظر إليها على أنّها أسنان اجتماعية على اختلاف ما كانت عليه عند بدء البشرية “….وعليه فإنّ السلالة البشرية وتطور الدماغ فيها لم يرتبط بلون الجلد و لا بإنماء الفرد العرقي بل خاض عراكاً موحداً و في اتجاه واحد هو الترقّي في إطار صراع الأقوى…كما يتبين من هذه الدراسات أنّ العنصري هو مريض نفسي يعاني من أثآر تربية سيئة أدّت الى انخفاض مادة الأسيتيلكولين في دماغه وكذلك السيروتونين ممّا جعلته عدوانياً ديماغوجياً خارجاً عن إطار التطور البشري ، لا بل جعلته إنساناُ معوّقاً نفسياً ، فعاد إلى حالة الانسان الأول الذي عانى من صغر دماغه و بالتالي من انخفاض الوسيط الكيميائي الأسيتيلكولين ممّا أدىّ إلى توحشه !!!
و تُعرّف جماعة الأطباء العقليين الأميركيين في تصنيفها الثاني حسبما يذكر د. كمال وهبي في كتابه إيديولوجيا الارهاب -الذئاب الكاسرة:”إنّ الشخصية المضادة للمجتمع تُميز الفرد الذي لم يتطبّع إجتماعياً والذي يجبره سلوكه إلى الصدام مع المجتمع وهو عاجز عن إظهار الولاء للآخرين أو للجماعات الأخرى أو للقيم الاجتماعية ، إنه يمتاز بالأنانية المفرطة وعدم تحمّل المسؤولية والإندفاعية ، والعجز عن الشعور بالذنب أو التعلّم من الخبرة أو حتّى من العقاب ، و يمتاز بالقسوة و قدرته على تحمّل الاحباط منخفضة للغاية ، إنّه يميل إلى لوم الآخرين ، كما أنّه يبحث عن تبريرات لسلوكه ، وقد حدّد الأطباء النفسيون أربع عشرة سمة للشخصية المضادة للمجتمع..”
وبناء عليه فإنّ العنصري هو شخصية سيكوباتية مضادة للمكوّنات الأخرى من المجتمع الذي يعيش فيه نتيجة شعوره بالتعالي والأنانية المفرطة واستعار العدوانية لديه.وهو يُعاني من الجناحين الذهاني والعصابي الذي يبدو كفعل قهري …
و يقول حامد عبد السلام زهران في كتابه علم النفس الاجتماعي :”إنّ المنحرفين والجانحين و ذوي السلوك المضاد للمجتمع يمثّلون خطراً على حياة الآخرين و يكونون عنصر قلق واضطراب قد يُعرّضون فيه حياة الآخرين للخطر فهم إمّا أن يسرقوهم أو يقتلوهم أو يعتدوا عليهم جنسياً ”
ويقول مصطفى العوجي في كتابه القانون الجنائي العام :” لقد اعتبر علماء الاجتماع الجريمة كل فعل من شأنه أن يصطدم الضمير الجماعي ” أنظر إيديولوجية الارهاب -د. كمال وهبي… وها نحن نرى في هذه الأيام في الولايات المتحدة الأميركية ما يصدم الضمير الإنساني في كلّ زمكان فتارة يتعرض مواطن أميركي للقتل بسبب لونه الأسود وطوراً تتعرض أمٌّ وطفلتها للجندلة من قبل شرطي آخر للسبب نفسه ،و تارة أخرى يصدم أوتوبيس مجموعات كبيرة من المتظاهرين المندّدين بالعنصرية!
وبعد ، فنحن أمام “عصفورية” مصحّ نفسي كبير ضرب فيه مرضاه كلّ القيم عرض الحائط ، وزالت تلك الغشاوة التي حجبت أنهم سيكوباتيون يهوجون ويموجون ، يُهدّدون ويقمعون ويُدمّرون! إنها اللاإنسانية أو مجموعات ما انفكّت أمخاخها صغيرة تعود إلى الإنسان الأول حيث تستعر فيها العدوانية المتوحشة…فهؤلاء العنصريون الذين نراهم اليوم على شاشات التلفزة في الولايات المتحدة هم ورثوا عبر تربيتهم الإجتماعية هذه العنصرية من أجدادهم الذين قضوا على الهنود الحمر السكّان الأصليين لتلك البلاد ، وهم من استجلبوا الأفارقة من البلاد المستعمرة ، وجعلوا حقوقهم مهدورة واستغلوهم كقطعان الماشية ، ورغم إلغاء التمييز العنصري في تلك البلاد في الستينيات من القرن الماضي فإنّ شهوة العدوانية المستمدة جنوحها من عنصريتهم ما انفكّت مستعرة ، وهل تُنتسى تلك الأغنية في أميركا التي ردّدت أن هناك ثماراً غريبة معلّقة على الشجرة ! وهي ترمز إلى ذلك العقاب القاسي الذي كان يّعلق خلاله الأفارقة على الأشجار لمدّة ثلاثة أيام دون أن يرفّ جفنٌ لأولئك المجرمين ! نعم لقد كوّن العنصريون إستعمارات داخلية على غرار ما جرى في أميركا وفرنسا، فاستغلوا من سمّوهم عبيداً في العمل في حقول المزروعات كالقطن وغيرها ، وفي المناجم دون هوادة ، وكم قتلوا الملايين أثناء غزواتهم لفييتنام والعراق وكوريا و سوريا وحتى لبنان عبر الصهاينة رموز العنصرية في العالم ..
وتتحدث الكاتبة الهام بورابة عن الكاتب والشاعر الفرنسي بودلير الذي تصدى للنازية :” شارل بودلير يُواجه ، ويكتب عن الحقبة المنتصر فيها على النازية وأفراح فرنسا طيور نشوى : في تلك الحقبة ماكانت هناك أيّام عيد ، كانت نهاية العالم”إشارة لمجازر ماي بالجزائر.وهذه رسالة إلى الفرنسيين ليقول في رواياته: إذا كنتم تقدّمون للحياة أزهارا جميلة فهاهي أزهار الشر الحقيقية” ويقول أيضا : لا تضعوا الأزهار في فوهة البندقية”…
ومن ينسى مجزرة نهر السين في فرنسا حين رمى الفرنسيون الجزائريين في هذا النهر دون رحمة قامعين لتظاهراتهم ، وقد حدثت
“مجزرة باريس عام 1961. (فذكرى مظاهرات 17 أكتوبر 1961)، تُشير إلى مذبحة في باريس في التاريخ نفيه ، وخلال حرب الجزائر (1954- 1962)،نُفّذت بأمر من رئيس شرطة باريس، موريس بابون فهاجمت قوات الشرطة مظاهرة سلمية مكونة من 65000 جزائري. وأقرّت الحكومة الفرنسية 40 حالة وفاة في عام 1998، رغم أن هناك تقديرات تصل إلى 300شهيد .” أنظر جريدة نورت -مذبحة باريس … وحدّث بلا حرج عن القس مارتن لوثر كينغ المولود عام 1929م و الذي تبوّأ الزعامة المسيحية الجنوبية من أجل الحفاظ على الحقوق المدنية للأفارقة ، نابذاً للعنف بكلّ أشكاله ، وكان من المطالبين بنبذ التمييز العنصري ضدّ السود ، وسرعان ما فاز بجائزة نوبل للسلام ، ولكنّ ذلك لم يكن إلّا محاولة لتفكيك العنف من العنصريين في محاولة تكتيكية للعودة إلى الانقضاض من جديد، إذ عمدوا إلى اغتياله عام 1968م !
ومن ينس ما قام به الصهاينة بقتل الفلسطينيين وإبادتهم في العديد من المجازر التاريخية المعروفة والمشهورة وما انفكوا لولا تصدي المقاومة الفلسطينية لهم بكل شجاعة…
نعم لقد حرّكت العنصرية الرأسمال عبر التاريخ وما انفكّت، ومن ثمّ حرّك الرأسمال الجيوش العسكرية من أجل استعمار واحتقار الشعوب وسلبها خيراتها وكراماتها وحرّياتها….لقد كان القرصان كريستوف كولومبس من أول الوحوش التاريخية التي غزت الشعوب الآمنة وصولاً إلى المصارعين القياديين -المتوحشين أصحاب الهامات الضخمة والأمخاخ البدائية الشرّيرة ” الذين لا يأبهون لشيء إلا لجبروتهم ، ولكنّ للغطرسة نهاية ، و لكلّ حصانٍ كبوة ، ولكلّ إمبراطورية نهاية هكذا حدثنا التاريخ…..
في 31/05/2020

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى