“معالجة أوضاع المصارف” قانون تقني يثير نقاشًا لبنانيًا تحت أعين المجتمع الدولي!
“معالجة أوضاع المصارف” قانون تقني يثير نقاشًا لبنانيًا تحت أعين المجتمع الدولي!

“ليبانون ديبايت” – باسمة عطوي
من المتوقع أن لا يقر مجلس الوزراء في جلسته التي ستنعقد في السراي الحكومي اليوم الثلاثاء، “مشروع القانون المتعلق بمعالجة أوضاع المصارف في لبنان وإعادة تنظيمها”، بل من المرجح أن يستغرق البت فيه جلسات متعددة على أن يكون مسك الختام في جلسة حكومية تنعقد في بعبدا. السبب هو النقاش الواسع الذي يثيره القانون والتعقيدات التي تحيط به، إذ سبقه محاولات حكومات كل من الرئيسين حسان دياب ونجيب ميقاتي لإعادة هيكلة المصارف، وحاليًا هناك إصرار دولي (أميركي على وجه الخصوص) على إقرار الإصلاحات، (منها قانون معالجة أوضاع المصارف) كباب للدعم الدولي والخروج من الأزمة، والدليل هو لقاءات نائبة المبعوث الأميركي إلى الشرق الأوسط مورغان أورتاغوس المالية خلال زيارتها الأخيرة، والتي شددت فيها على أن “لبنان أمام فرصة أخيرة للإصلاح وإلا العقوبات في انتظاره”، من دون أن ننسى الاعتراض الذي تبديه جمعية المصارف على المشروع بعد توزيعه على الوزراء الأسبوع الماضي، لا سيما فيما يتعلق بعمليات الدمج والتصفية وتحمل المسؤولية عن الودائع.
تجدر الإشارة إلى أن مشروع قانون معالجة أوضاع المصارف، يعتمد تشكيل هيئة مصرفية عليا مختصة بإصلاح وضع المصارف، تتألف من 6 أشخاص هم: حاكم مصرف لبنان، وأحد نواب الحاكم، ورئيس لجنة الرقابة على المصارف، وخبير قانوني، وخبير مصرفي، ورئيس مجلس إدارة المؤسسة الوطنية لضمان الودائع. وخلت الهيئة من تمثيل المصارف، كما تم تحديد موجباتها وشروط اختيار أعضائها بحيث يتم تجنب تضارب المصالح، وهذا الأمر تحديدًا أول ما اعترضت عليه المصارف. وسبق لحكومة الرئيس ميقاتي أن أنجزت مشروع قانون في تشرين الثاني 2023، وذلك بالاتفاق مع صندوق النقد الدولي. لكن هذا المشروع تعرض لانتقادات عدة حينها.
كل ما سبق يستدعي قراءة متأنية وعلمية للقانون مع أهل الاختصاص، واستشراف مصيره وآثار إقراره على المودعين خصوصًا، الذين يترقبون ما يحصل لمعرفة مصير ودائعهم.
غبريل: مشروع تقني يحتاج لنقاش طويل
يذكّر رئيس مركز الأبحاث في بنك بيبلوس، الخبير الاقتصادي نسيب غبريل، أن “مشروع القانون جاء بطلب من صندوق النقد الدولي من خلال الوفد الذي زار لبنان مؤخرًا لتقصي الوضع الاقتصادي”، موضحًا لموقع “ليبانون ديبايت” أنه “حين طلب المسؤولون اللبنانيون إعادة التفاوض مع الصندوق ووضع برنامج، شجع الوفد السلطات اللبنانية على تمرير قانوني تعديل السرية المصرفية وفقًا للاتفاق الذي تم في العام 2022، وتنظيم وضع المصارف قبل الاجتماعات نصف السنوية للصندوق في 21 نيسان الجاري والتي سيشارك فيها لبنان”.
يضيف: “مطلب صندوق النقد هو إقرار هذه القوانين في مجلس النواب أيضًا، وهذا أمر صعب من الناحية اللوجستية، لأنه يجب أن تُدرس في اللجان النيابية قبل إقرارها، لكن الموافقة عليها في مجلس الوزراء تعطي إشارة واضحة على جدية لبنان في السير في هذه الإصلاحات”، شارحًا أن “مشروع قانون معالجة القطاع المصرفي هو تقني وطويل ويحتاج إلى تدقيق قبل التصويت عليه، وهناك جهات عدة لديها ملاحظات عليه، منها ما له علاقة بالودائع، وأهداف المشروع، ونطاق تطبيق القانون، وتكوين الهيئة المختصة بإعادة الهيكلة، وبموجبات أعضاء الهيئة المختصة بإعادة الهيكلة لتجنب تضارب المصالح، والبدء بعملية إعادة الهيكلة، وبمبادئ التخمين، وتعيين المخمنين المستقلين، والإقرار بنتائج التقييم، وأدوات إعادة الهيكلة، وتعريف مؤسسات القطاع المالي لأنها تتضمن شركات التأمين، والقيمة الصافية للموجودات، لأن الموجودات خارج الميزانية لا تملكها المصارف، وأيضًا الكيانات المرتبطة هل يشملها التقييم أم لا، وبالتالي هناك قواعد تقنية ومعقدة وتستغرق وقتًا طويلًا للتمحيص والحكم على بنودها”.
ويختم: “الملاحظة التي يمكن تسجيلها هي أن الحكومة تقوم بما عليها وما هو مطلوب منها، وتحويله إلى مجلس النواب حتى يتم النقاش فيه مجددًا، وهذا لا يعني أن مجلس النواب سيقر قانون السرية المصرفية ومعالجة المصارف قبل الاجتماعات نصف السنوية للصندوق الدولي، لكنها مؤشر للمجتمع الدولي بأن لبنان ملتزم بالإصلاحات”.
راشد: القانون هدفه شطب الودائع!
على خط المعارضين للقانون، يعتبر الخبير الاقتصادي منير راشد لموقع “ليبانون ديبايت” أن “الخطأ الكبير فيه هو أن المجرم (مصرف لبنان) يقاضي الضحية (المصارف)، أي أن الفجوة المالية المسؤول عنها مصرف لبنان، وهو من يقرر فيها مصير المصارف وتقييمها”، مشددًا على أن “المشكلة الأساسية في المصارف أن لديها ودائع في المركزي الذي لا يحق له إصدار هذا القانون، بل يجب أن تضعه جهة مستقلة لحل مشكلة المصارف”.
يضيف: “هدف صندوق النقد هو شطب ديون مصرف لبنان، لكي يتمكن من إقراضه ويضمن استرجاع أمواله. وهناك فجوة قدرها نحو 80 مليار دولار، وهمّ صندوق النقد الدولي هو أن تتعافى الدولة وليس المصرف أو المودع، وخطة صندوق النقد لا ولن تطبق لأنها تشطب الودائع”، مشددًا على أن “تصفية المصارف هي جزء من شطب الودائع، والقانون هدفه شطب الودائع من خلال تقييم المصارف، وفرز بين من لها القدرة على الاستمرار وتلك التي يجب أن تخرج من السوق”.
ويوضح أن “تقرير صندوق النقد السنوي الذي يصدر عن مجلس المديرين التنفيذيين، ينص على أن الخطة المطروحة هي معالجة ودائع المصارف في مصرف لبنان، بشطب الجزء الأكبر منها باستثناء صغار المودعين، ويتحول جزء منها إلى أسهم، وجزء ثالث يتم صرفه على سعر دولار أقل من سعر السوق”، جازمًا أن “القانون اللبناني لا يميز بين مودع صغير ومودع كبير، وكل خطة صندوق النقد مبنية على افتراضات خاطئة لا يمكن السير بها، ولا تحدد أثرها على الاقتصاد اللبناني، وهو قانون يعلو على كل القوانين الأخرى، أي قانون التجارة وقانون التصفية”.