الشيخ ماهر حمود رأينا صحيح لا يحتمل الخطأ ورأي غيرنا خطأ لا يحتمل الصواب
حدث صغير نسبيا في حجمه المادي واللوجستي، كبير في دلالته الأمنية والسياسية، أن تتوغل قوة إسرائيلية مسافة 400م داخل الأراضي اللبنانية لتقوم بعمل امني لا يزال مجهولا حتى الآن، فينفجر فيها لغم يجرح أربعة من الإسرائيليين حسب اعترافات العدو بنفسه…
هذا هو الحجم المادي اللوجستي للموضوع، أما الحجم السياسي الأمني فيظهر جليا من أن العدو حاول التكتم عن هذا الحدث ولم يغلفه بأهداف كبرى، هذا من جهة، ومن جهة أخرى يسرب إعلام المقاومة إلى وسائل الإعلام أن العبوة قد تكون من مخلفات العدو منذ العام 1948 كنوع من الاستهزاء بالعدو وبالمستخفين بالمقاومة وبجهوزيتها.. ولم تكلف المقاومة نفسها عناء الإعلان عن العملية أو تبنيها، ولم تطلق البيانات التي تمجد المقاومة وجهوزيتها وقدرتها على رصد العدو والتربص له وحماية الأرض والكرامة والسيادة اللبنانية… الخ.
واللطيف أن يأتي هذا “الحدث” الأمني في وقت يصنف فيه البعض للقرار الأوروبي بوضع حزب الله على لائحة الإرهاب، وانسجاما ما مع ذلك يهيئ البعض نفسه لحكومة لبنانية مفترضة تحتفل بإقصاء حزب الله عن ساحة العمل السياسي كعقوبة له لأنه يشارك بالفتنة الدائرة في سوريا.
إن هذا الحدث الأمني على بساطته جاء في وقت حرج وكأنه يقول للغافلين وللمنشغلين بتحضير عبوات قاتلة للداخل وانتحاريين لقتل اكبر عدد ممكن من “أعداء الدين” من جمهور المقاومة وأهلها.. إن المقاومة موجودة ولا تحتاج إلى كثير من التطبيل والتزمير لإثبات ذلك، ولكن الذكرى تنفع المؤمنين ولا تنفع الغارقين في التعصب الأعمى والجهل الدفين.
مرة أخرى نقول إن لم تستطع أية قوة أو أية جهة أن تقدر حجم ما فعلته المقاومة في تاريخنا الحديث، فإنها لا تستطيع أن تعمل لمستقبل سليم ولعمل إسلامي متماسك.. وان لم يستطع دعاة الإسلام المفترضين والحركات الإسلامية أن “يغفروا” لحزب الله مشاركته في سوريا -على افتراض انه خطيئة كبرى- مقابل ما أنجزته المقاومة.. إن لم يستطع “المراقبون” وضع “أخطاء” حزب الله وخطاياه المفترضة في حجمها المحدود مقابل ما أنجزه للأمة ، كل الأمة، وللبنان ولكل اللبنانيين.
من لم يستطع ذلك، فمعنى ذلك أن على أعينهم غشاوة وفي آذانهم وقرٌ وان فهمهم للإسلام قاصر ومنقوص، وبالتالي لن يستطيعوا أن يروا المستقبل لهذه الأمة، لهذا الوطن، فضلا عن صناعة هذا المستقبل أو المشاركة في صنعه.
ولا حول ولا قوة إلا بالله…
ليس هنالك من اجتهاد آخر، لا يوجد في المسألة التي نحن فيها رأيان ، انه موقف واحد يستند على الشرع الحنيف وعلى المصلحة المتحققة، في موقفنا السياسي لا يصح أن يقال كما يقول الفقهاء وخلال بحثهم القضايا الخلافية، رأينا صحيح يحتمل الخطأ ورأي غيرنا خطأ يحتمل الصواب… في الموقف الذي نحن عليه بحول الله تعالى نقول وكلنا ثقة وكلنا يقين وانشراح للحق الذي هدانا الله إليه، وبكل تواضع وثقة في آن معا:
رأينا صحيح لا يحتمل الخطأ ورأي غيرنا خطأ لا يحتمل الصواب
ولا يغير من هذه الحقيقة كثرة الضجيج والغوغاء وكثرة السباب والشتائم والاتهامات، بل بالعكس تزيدنا ثقة واطمئنان.
نتمنى للمنحرفين وللمضللين أن يعطيهم الله الشجاعة الكاملة حتى يعترفوا بالخطأ الذي هم عليه الآن عندما تنكشف كل الحقائق، وألا يتمادوا في ضلالهم عندما تتوضح الأمور جميعها.
تجربتنا لا تشجع كثيرا فعندما انكشفت الأمور في صيدا بعد معركة عبرا عمد البعض إلى تزوير الحقائق والهروب إلى الأمام إلى الهاوية عوضا عن الاعتراف بخطأ موقفهم السياسي، وصوروا أن هنالك مؤامرة دبرت بليل وزعموا أن المعتدي تم الاعتداء والتآمر عليه وان الجيش حضّر لذلك بخلفية مذهبية.. الحقوا العار بصيدا بمواقفهم هذه، عار لا يمحوه حفل إفطار على شرف الجيش وقائد الجيش، ولا بوسام يعلق على صدر قائد الجيش بعد إن كيلت له الاتهامات من دون أي اعتبار للموازين الوطنية أو الإسلامية أو الإنسانية، وخاصة موازين العيش المشترك والسلم الأهلي الذي من دونه يفقد الوطن ابسط مقومات وجوده.